قال: فغضب ابن زياد واستشاط، قال: فقال له عمرو بن حريث: أصلح اللّه الأمير! إنّما هي امرأة، وهل تؤاخذ المرأة بشيء من منطقها! إنّها لا تؤاخذ بقول، ولا تلام على خطل.
فقال لها ابن زياد: قد أشفى اللّه نفسي من طاغيتك، والعصاة المردة من أهل بيتك!
قال: فبكت ثمّ قالت: لعمري، لقد قتلت كهلي، وأبرت أهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي، فإن يشفك هذا فقد اشتفيت.
فقال لها عبيد اللّه: هذه شجاعة، قد لعمري كان أبوك شاعراً شجاعاً.
قالت: ما للمرأة والشجاعة! إنّ لي عن الشجاعة لشغلاً، ولكن نفثي ما أقول.
قال أبو مخنف، عن المجالد بن سعيد: إن عبيد اللّه بن زياد لمّا نظر إلى عليّ بن الحسين قال... انطلقوا به فاضربوا عنقه، فقال له عليّ: إن كان بينك وبين هؤاء النسوة قرابة فابعث معهنّ رجلاً يحافظ عليهنّ، فقال له ابن زياد: تعال أنت، فبعثه معهنّ.
قال أبو مخنف: وأمّا سليمان بن أبي راشد، فحدّثني عن حميد بن مسلم، ۵ / ۴۵۸
قال: إنّي لقائم عند ابن زياد حين عرض عليه عليّ بن الحسين فقال له: ما اسمك؟ قال: أنا عليّ بن الحسين، قال: أو لم يقتل اللّه عليّ بن الحسين؟ فسكت، فقال له ابن زياد: ما لك لا تتكلّم؟ قال: قد كان لي أخ يقال له أيضاً عليّ، فقتله الناس، قال: إنّ اللّه قد قتله، قال: فسكت عليّ، فقال له: ما لك لا تتكلّم؟!
قال: «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا»،۱ «وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ»۲.
قال: أنت واللّه منهم، ويحك!... فقال: اقتله.
فقال عليّ بن الحسين: من توكل بهؤاء النسوة؟ وتعلّقت به زينب عمّته فقالت: يا بن زياد، حسبك منّا! أما رَويتَ من دمائنا؟! وهل أبقيتَ منّا أحداً؟! قال: فاعتنقته فقالت: أسالك باللّه إن كنت مؤمناً إن قتلتَه لمّا قَتَلتَني معه!