فلمّا رآه زيد بن أرقم: لا ينجم عن نكته بالقضيب، قال له: اعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين، فو الذي لا إله غيره، لقد رأيت شفتي رسول اللّه صلىاللهعليهوآله على هاتين الشفتين يقبّلهما، ثمّ انفضخ الشيخ يبكي.
فقال له ابن زياد: أبكى اللّه عينيك! فو اللّه، لولا أنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك.
قال: فنهض فخرج، فلمّا خرج سمعت الناس يقولون: واللّه، لقد قال زيد بن أرقم قولاً لو سمعه ابن زياد لقتله، قال: فقلت: ما قال؟ قالوا: مرّ بنا وهو يقول: ملّك عبدٌ عبداً، فاتّخذهم تلداً، أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم، قتلتم ابنَ فاطمة، وأمّرتم ابن مرجانة، فهو يقتل خياركم، ويستعبد شراركم، فرضيتم بالذلّ، فبعداً لمن رضي بالذل!
۵ / ۴۵۷
قال: فلمّا دخل برأس حسين وصبيانه وأخواته ونسائه على عبيد اللّه بن زياد لبست زينب ابنة فاطمة أرذل ثيابها، وتنكّرت، وحفّت بها إماؤها، فلمّا دخلت جلست، فقال عبيد اللّه بن زياد: مَن هذه الجالسة؟ فلم تكلّمه، فقال ذلك ثلاثاً، كلّ ذلك لا تكلّمه، فقال بعض إمائها: هذه زينب ابنة فاطمة.
قال: فقال لها عبيد اللّه: الحمد للّه الذي فضحكم وقتلكم وأكذب اُحدوثتكم!
فقالت: الحمد للّه الذي أكرمنا بمحمّد صلىاللهعليهوآله وطهّرنا تطهيراً، لا كما تقول أنت، إنّما يفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر، قال: فكيف رأيت صنع اللّه بأهل بيتك؟
قالت: كتب عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع اللّه بينك وبينهم، فتحاجّون إليه، وتخاصمون عنده.