قال: وأقدم عليه بالرجّالة، منهم أبو الجنوب ـ واسمه عبد الرحمن الجعفي ـ والقشعم بن عمرو بن يزيد الجعفي، وصالح بن وهب اليزني، وسنان بن أنس النخعي، وخوليّ بن يزيد الأصبحي، فجعل شمر بن ذي الجوشن يحرّضهم، فمرّ بأبي الجنوب وهو شاكٍ في السلاح فقال له: أقدم عليه، قال: وما يمنعك أن تقدم عليه أنت؟ فقال له شمر: إليَّ تقول ذا؟ قال: وأنت لِي تقول ذا؟ فاستبّا، فقال له أبو الجنوب ـ وكان شجاعاً: واللّه، لهممت أن أخضخض السنان في عينك.
قال: فانصرف عنه شمر وقال: واللّه، لئن قدرت على أن أضرّك لأضرّنّك.
قال: ثمّ إنّ شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرجّالة نحو الحسين، فأخذ الحسين يشدّ عليهم فينكشفون عنه.
ثمّ إنّهم أحاطوا به إحاطة، وأقبل إلى الحسين غلامٌ من أهله، فأخذته اُخته ۵ / ۴۵۱
زينب ابنة عليّ لتحبسه، فقال لها الحسين: احبسيه، فأبى الغلام، وجاء يشتدّ إلى الحسين، فقام إلى جنبه، قال: وقد أهوى بحر بن كعب بن عبيد اللّه ـ من بني تيم اللّه بن ثعلبه بن عكابة ـ إلي الحسين بالسيف، فقال الغلام:
يا بن الخبيثة، أ تقتل عمي؟! فضربه بالسيف، فاتّقاه الغلام بيده فأطنّها إلاّ الجلدة، فإذا يده معلّقة، فنادى الغلام: يا اُمّتاه! فأخذه الحسين فضمّه إلى صدره، وقال: يا بن أخي، اصبر على ما نزل بك، واحتسب في ذلك الخير، فإنّ اللّه يلحقك بآبائك الصالحين، برسول اللّه صلىاللهعليهوآله وعليّ بن أبي طالب وحمزة وجعفر والحسن بن عليّ صلى اللّه عليهم أجمعين.
قال أبو مخنف: حدّثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال: سمعت الحسين يومئذ وهو يقول: اللّهمّ أمسك عنهم قطر السماء، وامنعهم بركات الأرض، اللّهمّ فإن متّعتهم إلى حين ففرّقهم فرقاً، واجعلهم طرائقَ قدداً، ولا ترض عنهم الولاة أبداً، فإنّهم دعونا لينصرونا، فعدوا علينا فقتلونا.