قال: وكان أوّل قتيل من بني أبي طالب يومئذ عليّ الأكبر بن الحسين بن عليّ، واُمّه ليلى ابنة أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي، وذلك أنّه أخذ يشدّ على الناس وهو يقول:
أنا عليُّ بن حسين بن عليّ
نحنُ وربُّ البيت أولى بالنبيّ
تاللّهِ لا يَحكُم فينا ابنُ الدَعي
قال: ففعل ذلك مراراً، فبصر به مرّة بن منقذ بن النعمان العبدي ثمّ الليثي، فقال: عليَّ آثام العرب إن مرّ بي يفعل مثل ما كان يفعل إن لم أثكله أباه، فمرّ يشدّ على الناس بسيفه، فاعترضه مرّة بن منقذ، فطعنه فُصرع، واحتَوَله الناس فقطّعوه بأسيافهم.
قال أبو مخنف: حدّثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم الأزدي، قال: سماع اُذني يومئذ من الحسين يقول: قتل اللّه قوماً قتلوك يا بنيّ! ما أجرأهم على الرحمن، وعلى انتهاك حرمة الرسول! على الدنيا بعدك العفاء.
قال: وكأنّي أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنّها الشمس الطالعة تنادي: يا اُخيّاه! ويا بن اُخياّه! قال: فسألت عليها، فقيل: هذه زينب ابنة فاطمة ابنة رسول ۵ / ۴۴۷
اللّه صلىاللهعليهوآله، فجاءت حتّى أكبّت عليه، فجاءها الحسين فأخذ بيدها فردّها إلى الفسطاط، وأقبل الحسين إلى ابنه، وأقبل فتيانه إليه، فقال: احملوا أخاكم، فحملوه من مصرعه حتّى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه.
قال: ثمّ إنّ عمرو بن صبيح الصدائي رمى عبداللّه بن مسلم بن عقيل بسهم فوضع كفّه على جبهته، فأخذ لا يستطيع أن يحرّك كفّيه، ثمّ انتحى له بسهم آخر ففلق قلبه، فاعتَوَرَهم الناس من كلّ جانب، فحمل عبداللّه بن قطبة الطائي ثمّ النبهاني على عون بن عبداللّه بن جعفر بن أبي طالب فقتله، وحمل عامر بن نهشل التيمي على محمّد بن عبداللّه بن جعفر بن أبي طالب فقتله، قال: وشدّ عثمان بن خالد بن أسير الجهني، وبشر بن سوط الهمداني ثمّ القابضي على عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب فقتلاه، ورمى عبداللّه بن عزرة الخثعمي جعفر بن عقيل بن أبي طالب فقتله.