قال: ثمّ استقدم الفتيان الجابريّان يلتفتان إلى حسين ويقولان: السلام عليك يا بن رسول اللّه، فقال: وعليكما السلام ورحمة اللّه، فقاتلا حتّى قُتِلا.
قال: وجاء عابس بن أبي شبيب الشاكري ومعه شوذب مولى شاكر، فقال: يا شوذب، ما في نفسك أن تصنع؟ قال: ما أصنع! اُقاتل معك دون ابن بنت رسول اللّه صلىاللهعليهوآله حتّى اُقتل، قال: ذلك الظنّ بك، أمّا لا فتقدّم بين يدي أبي عبداللّه حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه، وحتّى أحتسبك أنا، فإنّه لو كان معي ۵ / ۴۴۴
الساعة أحدٌ أنا أولى به منّي بك لسرّني أن يتقدّم بين يدي حتّى أحتسبه، فإنّ هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر فيه بكلّ ما قدرنا عليه، فإنّه لا عمل بعد اليوم، وإنّما هو الحساب، قال: فتقدّم فسلّم على الحسين، ثمّ مضى فقاتل حتّى قُتل.
ثمّ قال عابس بن أبي شبيب: يا أبا عبداللّه، أما واللّه، ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ إليَّ منك، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعزّ على من نفسي ودمي لفعلته، السلام عليك يا أبا عبداللّه، اُشهد اللّه أنّي على هديك وهدي أبيك، ثمّ مشى بالسيف مصلتاً نحوهم وبه ضربة على جبينه.
قال أبو مخنف: حدّثني نمير بن وعلة، عن رجل من بني عبد من همدان يقال له: ربيع بن تميم شهد ذلك اليوم، قال: لمّا رأيته مقبلاً عرفته وقد شاهدته في المغازي، وكان أشجع الناس، فقلت: أيّها الناس، هذا الأسد الأسود، هذا ابن أبي شبيب، لا يخرجنّ إليه أحد منكم، فأخذ ينادي:
ألا رجل لرجل؟! فقال عمر بن سعد: ارضخوه بالحجارة، قال: فَرُمي بالحجارة من كلّ جانب، فلمّا رأى ذلكألقى درعَهُ ومِغفرَه، ثمّ شدّ على الناس، فو اللّه، لرأيته يكرُد۱ أكثر من مئتين من الناس، ثمّ إنّهم تعطّفوا عليه من كلّ جانب، فَقُتل.