قال أبو مخنف: حدّثني محمّد بن قيس، قال: لمّا قتل حبيب بن مظاهر هدّ ذلك حسيناً وقال عند ذلك: أحتَسِب نفسي وحماة أصحابي، قال: فأخذ الحرّ يرتجز ويقول:
۵ / ۴۴۱
آليتُ لا اُقتل حتّى أَقتُلا
و لن اُصابَ اليومَ إلاّ مُقبلا
أضرِبُهُم بالسيفِ ضَرباً مِقصَلا
لا ناكِلا عَنهم ولا مهلّلا
وأخذ يقول أيضاً:
أضرِبُ في أعراضِهم بالسيفِ
عن خيرِ مَن حَلّ مِنّى والخيف
فقاتل هو وزهير بن القين قتالاً شديداً، فكان إذا شدّ أحدهما، فإن استلحم شدّ الآخر حتّى يخلّصه، ففعلا ذلك ساعة، ثمّ إنّ رجاله شدّت على الحرّ بن يزيد فقتل، وقتل أبو ثمامة الصائدي ابن عمّ له كان عدوّاً له، ثمّ صلّوا الظهر، صلّى بهم الحسين صلاة الخوف، ثمّ اقتتلوا بعد الظهر فاشتدّ قتالهم، ووصل إلى الحسين، فاستقدم الحنفي أمامه، فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يميناً وشمالاً قائماً بين يديه، فما زال يرمي حتّى سقط.
وقاتل زهير بن القين قتالاً شديداً، وأخذ يقول:
أنا زهيرٌ وأنا ابنُ القينِ
أذودُهم بالسيفِ عن حسينِ
قال: وأخذ يضرب على منكب حسين ويقول:
أقدم هُديتَ هادياً مهديّاً
فاليومَ تَلقَى جدَّكَ النبيّا
وحَسناً والمرتضَى عليّا
و ذا الجَناحَينِ اَلفتى الكَميا
وأسدَ اللّه الشهيدَ الحيّا
قال: فشدّ عليه كثير بن عبداللّه الشعبي ومهاجر بن أوس فقتلاه، قال: وكان نافع بن هلال الجملي قد كتب اسمه على أفواق نبله، فجعل يرمي بها مسوّمة وهو يقول: أنا الجملي، أنا على دين عليّ.