قال: نعم، يتوب اللّه عليك، ويغفر لك، ما اسمك؟ قال: أنا الحرّ بن يزيد، قال: أنت الحرّ كما سمّتك اُمّك، أنت الحرّ إن شاء اللّه في الدنيا والآخرة، انزل، قال: أنا لك فارساً خير منّي راجلاً، اُقاتلهم على فرسي ساعة، وإلى النزول ما يصير آخر أمري.
قال الحسين: فاصنع يرحمك اللّه ما بدا لك.
فاستقدم أمام أصحابه، ثمّ قال: أيّها القوم، ألا تقبلون من حسين خصلة من هذه الخصال التي عَرضَ عليكم؛ فيعافيكم اللّه مِن حربه وقتاله؟ قالوا: هذا الأمير عمر بن سعد فكلّمه، فكلّمه بمثل ما كلّمه به قبل، وبمثل ما كلّم به أصحابه، قال عمر: قد حرصت، لو وجدت إلى ذلك سبيلاً فعلت، فقال: يا أهل الكوفة، لاُمّكم الهبل والعبر إذ دعوتموه حتّى إذا أتاكم أسلمتموه، وزعمتم أنّكم قاتلو أنفسكم دونه، ثمّ عدوتم عليه لتقتلوه، أمسكتم بنفسه، وأخذتم بكظمه، وأحطتم به من كلّ جانب، فمنعتموه التوجّه في بلاد اللّه العريضة حتّى يأمن و يأمن أهل بيته، وأصبح في أيديكم كالأسير لا يملك لنفسه نفعاً، ولا يدفع ضرّاً، وحلأتتموه و نساءه واُصَيْبيتَهُ وأصحابه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهودي والمجوسي والنصراني، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه، وها هم أولاء قد صرعهم العطش، بئسما خَلَفتم محمّداً في ذرّيّته! لا سقاكم اللّه يوم الظمأ إن لم تتوبوا وتنزعوا عمّا أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه.