فقال: سبحان اللّه! بلى واللّه، لقد فعلتم، ثمّ قال: أيّها الناس، إذ كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من الأرض، قال: فقال له قيس بن الأشعث: أو لا تنزل على حكم بني عمّك، فإنّهم لن يروك إلاّ ما تحبّ، ولن يصل إليك منهم مكروه؟ فقال الحسين: أنت أخو أخيك، أ تريدُ أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل، لا واللّه، لا اُعطيهم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقرّ إقرار العبيد. عباد ۵ / ۴۲۶
اللّه، «إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَ رَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ»۱، أعوذ بربّي وربّكم من كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب.
قال: ثمّ إنّه أناخ راحلته، وأمر عقبة بن سمعان فعقلها، وأقبلوا يزحفون نحوه.
قال أبو مخنف: فحدّثني عليّ بن حنظلة بن أسعد الشامي، عن رجل من قومه شهد مقتل الحسين حين قتل، يقال له: كثير بن عبداللّه الشعبي، قال: لمّا زحفنا قبل الحسين خرج إلينا زهير بن قَيْن على فرسٍ له ذنوب، شاكٍّ في السلاح، فقال:
يا أهل الكوفة، نَذارِ لكم من عذاب اللّه نَذار! إنّ حقّاً على المسلم نصيحة أخيه المسلم، ونحن حتّى الآن إخوة، وعلى دين واحد وملّة واحدة، ما لم يقع بيننا وبينكم السيف، وأنتم للنصيحة منّا أهل، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة، وكنّا اُمّة وأنتم اُمّة، إنّ اللّه قد ابتلانا وإيّاكم بذرّيّة نبيّه محمّد صلىاللهعليهوآله لينظر ما نحن وأنتم عاملون، إنّا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية عبيد اللّه بن زياد، فإنّكم لا تدركون منهما إلاّ بسوء عمر سلطانهما كلّه، ليسملان أعينكم، ويقطعان أيديكم وأرجلكم، ويمثّلان بكم، ويرفعانكم على جذوع النخل، ويقتلان أماثلكم وقرّاءكم، أمثال حجر بن عدي وأصحابه، وهانئ بن عروة وأشباهه.