قال: يا زهير، ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت، إنّما كنت عثمانياً.
قال: أ فلست تستدلّ بموقفي هذا أنّي منهم؟! أما واللّه، ما كتبت إليه كتاباً قط، ولا أرسلت إليه رسولاً قطّ، ولا وعدته نصرتي قطّ، ولكن الطريق جمع بيني وبينه، فلمّا رأيته ذكرت به رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ومكانه منه، وعرفت ما يقدم عليه من عدوّه وحزبكم، فرأيت أن أنصره، وأن أكون في حزبه، وأن أجعل نفسي دون نفسه؛ حفظاً لما ضيّعتم من حقّ اللّه وحقّ رسوله عليهالسلام.
قال: وأقبل العبّاس بن عليّ يركض حتّى انتهى إليهم، فقال: يا هؤاء، إنّ أبا عبداللّه يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتّى يَنظر في هذا الأمر، فإنّ هذا أمر لم يجرِ بينكم وبينه فيه منطق، فإذا أصبحنا التقينا إن شاء اللّه، فإمّا رضيناه فأتينا بالأمر الذي تسألونه وتسومونه، أو كرهنا فرددناه، وإنّما أراد بذلك أن يردّهم عنه تلك العشيّة حتّى يأمر بأمره، ويوصي أهله.
فلمّا أتاهم العبّاس بن عليّ بذلك قال عمر بن سعد: ما ترى يا شمر؟ قال: ما ترى أنت؟ أنت الأمير والرأي رأيك، قال: قد أردت ألاّ أكون، ثمّ أقبل على الناس فقال: ما ذا ترون؟ فقال عمرو بن الحجّاج بن سلمة الزبيدي: سبحان اللّه! واللّه، لو كانوا من الديلم ثمّ سألوك هذه المنزله لكان ينبغي لك أن تجيبهم إليها. وقال قيس بن الأشعث: أجبهم إلى ما سألوك، فلعمري، ليصبحنّك بالقتال غدوة، فقال: واللّه، لو اعلم أن يفعلوا ما أخرجتهم العشية، قال: وكان العبّاس بن عليّ حين أتى حسيناً بما عرض عليه عمر بن سعد قال: ارجع إليهم، فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى غدوة وتدفعهم عند العشيّة لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أنّي قد كنت اُحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار.