قال: فلطمت اُخته وجهها وقالت: يا ويلتا! فقال: ليس لك الويل يا اُخيّة، اسكني رحمكِ الرحمان! وقال العبّاس بن عليّ: يا أخي، أتاك القوم، قال: فنهض، ثمّ قال: يا عبّاس، اركب بنفسي أنت يا أخي حتّى تلقاهم فتقول لهم: ما لكم؟ وما بدا لكم؟ وتسألهم عمّا جاء بهم؟
فأتاهم العبّاس، فاستقبلهم في نحو من عشرين فارساً فيهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر، فقال لهم العبّاس: ما بدا لكم؟ وما تريدون؟ قالوا: جاء أمر الأمير بأن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو ننازلكم، قال: فلا تعجلوا حتّى أرجع إلى أبي عبداللّه فأعرض عليه ما ذكرتم.
قال: فوقفوا ثمّ قالوا: القه فأعلمه ذلك، ثمّ ألقنا بما يقول.
قال: فانصرف العبّاس راجعاً يركض إلى الحسين يخبره بالخبر، ووقف أصحابه يخاطبون القوم، فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين: كلّم القوم إن شئت وإن شئت كلّمتهم، فقال له زهير: أنت بدأت بهذا، فكن أنت تكلّمهم، فقال له حبيب بن مظاهر:
أما واللّه، لبئس القوم عند اللّه غداً قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرّيّة نبيّه عليهالسلام وعترته وأهل بيته صلىاللهعليهوآله وعبّاد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار، والذاكرين اللّه كثيراً، ۵ / ۴۱۷
فقال له عزرة بن قيس: إنّك لتزكّي نفسك ما استطعت، فقال له زهير: يا عزرة، إنّ اللّه قد زكّاها وهداها، فاتّق اللّه يا عزرة فإنّي لك من الناصحين، أنشدُك اللّه يا عزرة أن تكون ممّن يعين الضلال على قتل النفوس الزكية!