قال: نعم ونعمة عين، فأمر كاتبه، فكتب لهم أماناً، فبعث به عبداللّه بن أبي المحلّ مع مولى له يقال له: كزمان، فلمّا قدم عليهم دعاهم، فقال: هذا أمان بعث به خالكم، فقال له الفتية: أقرئ خالنا السلام، وقل له: أن لا حاجة لنا في أمانكم، أمان اللّه خير من أمان ابن سميّة.
قال: فأقبل شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيد اللّه بن زياد إلى عمر بن سعد، فلمّا قدم به عليه فقرأه قال له عمر: ما لك ويلك! لا قرّب اللّه دارك، وقبّح اللّه ما قدمت به عليَّ! واللّه، إنّي لأظنّك أنت ثنيته أن يقبل ما كتبت به إليه، أفسدت علينا أمراً كنّا رجونا أن يصلح! لا يستسلم واللّه حسين، إنّ نَفَساً أبيّة لبين جنبيه.
فقال له شمر: أخبرني ما أنت صانع؟ أ تمضي لأمر أميرك وتقتل عدوّه؟ وإلاّ ۵ / ۴۱۶
فخلّ بيني وبين الجند والعسكر.
قال: لا ولا كرامة لك، وأنا أتولّى ذلك، قال: فدونك، وكن أنت على الرجال.
قال: فنهض إليه عشيّة الخميس لتسع مضين من المحرّم، قال: وجاء شمر حتّى وقف على أصحاب الحسين، فقال: أين بنو اُختنا؟
فخرج إليه العبّاس وجعفر وعثمان بنو عليّ، فقالوا له: مالك وما تريد؟
قال: أنتم يا بني اُختي آمنون، قال له الفتية: لعنك اللّه ولعن أمانك! لئن كنت خالنا أ تؤمننا وابن رسول اللّه لا أمان له؟!
قال: ثمّ إنّ عمر بن سعد نادى: يا خيل اللّه، اركبي وابشري، فركب في الناس، ثمّ زحف نحوهم بعد صلاة العصر، وحسين جالس أمام بيته محتبياً بسيفه؛ إذ خفق برأسه على ركبتيه، وسمعت اُخته زينب الصيحة فدنت من أخيها، فقالت: يا أخي، أما تسمع الأصوات قد اقتربت؟! قال: فرفع الحسين رأسه فقال: إنّي رأيت رسول اللّه صلىاللهعليهوآله في المنام، فقال لي: إنّك تروح إلينا.