قال هشام: حدّثنا أبو بكر بن عيّاش عمّن أخبره، قال: واللّه، ما هو عبد الملك بن عمير الذي قام إليه فذبحه، ولكنّه قام إليه رجل جعد طوال يشبه عبد الملك بن عمير، قال: فاُتي ذلك الخبر حسيناً وهو بزباله، فأخرج للناس كتاباً، فقرا عليهم:
بسم اللّه الرحمن الرحيم، أمّا بعد؛ فإنّه قد أتانا خبرٌ فظيعٌ، قُتل مسلم ابن عقيل ۵ / ۳۹۹
وهانئ بن عروة وعبداللّه بن يقطر، وقد خذلتنا شيعتنا، فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف، ليس عليه منّا ذمام.
قال: فتفرّق الناس عنه تفرّقاً، فأخذوا يميناً وشمالاً حتّى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة، وإنّما فعل ذلك لأنّه ظنّ إنّما اتّبعه الأعراب؛ لأنّهم ظنّوا أنّه يأتي بلداً قد استقامت له طاعة أهله، فكره أن يسيروا معه إلاّ وهم يعلمون عَلامَ يقدمون، وقد علم أنّهم إذا بيّن لهم لم يصحبه إلاّ من يريد مواساته والموت معه.
قال: فلمّا كان من السحر أمر فتيانه فاستقوا الماء وأكثروا، ثمّ سار حتّى مرّ ببطن العقبة، فنزل بها.
قال أبو مخنف: فحدّثني لوذان أحد بني عكرمة أنّ أحد عمومته سأل الحسين عليهالسلام أين تريد؟ فحدّثه، فقال له: إني أنشدُك اللّه لمّا انصرفت، فو اللّه، لا تقدم إلاّ على الأسنّة وحدّ السيوف، فإنّ هؤاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مؤنة القتال، ووطّئوا لك الأشياء فقدمت عليهم، كان ذلك رأياً، فأمّا على هذه الحال التي تذكرها فإنّي لا أرى لك أن تفعل.
قال: فقال له: يا عبداللّه، إنّه ليس يخفى عليَّ، الرأي ما رأيت، ولكنّ اللّه لا يغلب على أمره، ثمّ ارتحل منها.