أيّها الناس، إنّ هذا الحسين بن عليّ خير خلق اللّه، ابن فاطمة بنت رسول اللّه، وأنا رسوله إليكم، وقد فارقته بالحاجر، فأجيبوه، ثمّ لعن عبيد اللّه بن زياد وأباه، واستغفر لعليّ بن أبي طالب.
قال: فأمر به عبيد اللّه بن زياد أن يُرمى به من فوق القصر، فَرُمي به، فتقطّع فمات.
ثمّ أقبل الحسين سيراً إلى الكوفة، فانتهى إلى ماء من مياه العرب، فإذا عليه عبداللّه بن مطيع العدويّ، وهو نازل هاهنا، فلمّا رأى الحسين قام إليه، فقال: بأبي أنت واُمّي يا بن رسول اللّه! ما أقدمك؟ واحتمله فأنزله، فقال له الحسين: كان من موت معاوية ما قد بلغك، فكتب إليّ أهل العراق يدعونني إلى أنفسهم.
فقال له عبداللّه بن مطيع: أذكِّركَ اللّهَ يا بن رسول اللّه وحُرمة الإسلام أن تنتهك! أنشدُك اللّه في حُرمة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ! أنشدك اللّه في حرمة العرب! فو اللّه، لئن طلبت ما في أيدي بني اُميّة ليقتلنّك، ولئن قتلوك لا يهابون بعدك أحداً ابداً، ۵ / ۳۹۶
واللّه، إنّها لَحُرمة الإسلام تُنتهك، وحُرمة قريش وحُرمة العرب، فلا تفعل، ولا تأتِ الكوفة، ولا تَعَرَّض لبني اُميّة.
قال: فأبى إلاّ أن يمضي.
قال: فأقبل الحسين حتّى كان بالماء فوق زرود.
قال أبو مخنف: فحدّثني السدّيّ، عن رجل من بني فزارة، قال: لمّا كان زمن الحجّاج بن يوسف كنّا في دار الحارث بن أبي ربيعة التي في التّمارين، التي اُقطعت بعد زهير بن القين، من بني عمرو بن يشكر من بجيلة، وكان أهل الشام لا يدخلونها، فكنّا مختبئين فيها، قال: فقلت للفزاري: حدّثني عنكم حين أقبلتم مع الحسين بن عليّ، قال: كنّا مع زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكّة نساير الحسين، فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن نسايره في منزل، فإذا سار الحسين تخلّف زهير بن القين، وإذا نزل الحسين تقدّم زهير، حتّى نزلنا يومئذ في منزل لم نجد بدّاً من أن ننازله فيه، فنزل الحسين في جانب، ونزلنا في جانب، فبينا نحن جلوس نتغدّى من طعام لنا، إذ أقبل رسول الحسين حتّى سلّم، ثمّ دخل فقال: يا زهير بن القين، إنّ أبا عبداللّه الحسين بن عليّ بعثني إليك لتأتيه. قال: فطرح كلّ إنسان ما في يده حتّى كأنّنا على رؤوسنا الطير.