قال: ما حدّثتُ أحداً بها، وما أنا محدّث بها حتّى ألقى ربّي.
قال: وكان كتاب عمرو بن سعيد إلى الحسين بن عليّ:
بسم اللّه الرحمن الرحيم، من عمرو بن سعيد، إلى الحسين بن عليّ، أمّا بعد؛ فإنّي أسال اللّه أن يصرفك عمّا يوبقك، وأن يهديك لما يرشدك، بلغني أنّك قد توجّهت إلى العراق، وإنّي اُعيذك باللّه من الشقاق، فإنّي أخاف عليك فيه الهلاك، وقد بعثت إليك عبداللّه بن جعفر ويحيى بن سعيد، فأقبل إليَّ معهما، فإنَّ لك عندي الأمان والصلة والبرّ وحسن الجوار لك، اللّه عليَّ بذلك شهيد وكفيل، ومراع ووكيل، والسلام عليك.
قال: وكتب إليه الحسين: أمّا بعد، فإنّه لم يشاقق اللّه ورسوله مَن دعا إلى اللّه عز و جل وعمل صالحاً، وقال: إنّني من المسلمين، وقد دعوت إلى الأمان والبرّ والصلة، فخير الأمان أمان اللّه، ولن يؤمن اللّه يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا، فنسأل اللّه ۵ / ۳۸۹
مخافة في الدنيا توجب لنا أمانه يوم القيامة، فإنّ كنتَ نويتَ بالكتاب صِلَتي وبرّي، فجزيت خيراً في الدنيا والآخرة، والسلام.
رجع الحديث إلى حديث عمّار الدهني عن أبي جعفر، فحدّثني زكرياء بن يحيى الضرير، قال: حدّثنا أحمد بن جناب المصيصيّ، قال: حدّثنا خالد بن يزيد بن عبداللّه القسري، قال: حدّثنا عمّار الدهني، قال: قلت لأبي جعفر: حدّثني عن مقتل الحسين حتّى كأنّي حضرته، قال: فأقبل حسين بن عليّ بكتاب مسلم بن عقيل كان إليه، حتّى إذا كان بينه وبين القادسية ثلاثة أميال، لقيه الحرّ بن يزيد التميمي، فقال له: أين تريد؟
قال: اُريد هذا المصر، قال له: ارجع فانّي لم أدع لك خلفي خيراً أرجوه، فهمّ أن يرجع، وكان معه إخوة مسلم بن عقيل، فقالوا: واللّه، لا نرجع حتّى نصيب بثأرنا أو نقتل، فقال: لا خير في الحياه بعدكم! فسار فلقيته أوائل خيل عبيد اللّه، فلمّا رأى ذلك عدل إلى كربلاء فأسند ظهره إلى قصباء وخَلاً. كيلا يقاتل إلاّ من وجه واحد، فنزل وضرب أبنيته، وكان أصحابه خمسة وأربعين فارساً ومئه راجل، وكان عمر بن سعد بن أبي وقّاص قد ولاّه عبيد اللّه بن زياد الريّ، وعهد إليه عهده، فقال: اكفني هذا الرجل، قال: أعفني، فأبى أن يعفيه، قال: فانظرني الليلة، فأخّره، فنظر في أمره فلمّا أصبح غدا عليه راضياً بما أمر به، فتوجّه إليه عمر بن سعد.