فقال له ابن عبّاس: فان كنت سائراً فلا تسر بنسائك وصبيتك، فو اللّه، إنّي لخائف أن تقتل كما قتل عثمان، ونساؤه وولده ينظرون إليه، ثمّ قال ابن عباس: لقد أقررتَ عينَ ابنِ الزبير بتخليتك إيّاه والحجاز والخروج منها، وهو اليوم لا ينظر إليه أحد معك، واللّه الذي لا إله إلاّ هو، لو أعلم أنّك إذا أخذت بشعرك وناصيتك حتّى يجتمع عليّ وعليك الناس أطعتني، لفعلت ذلك.
قال: ثمّ خرج ابن عبّاس من عنده، فمرّ بعبداللّه بن الزبير، فقال: قرّت عينك يا بن الزبير! ثمّ قال:
يا لكِ من قُبَّرة بمَعمرِ
خَلا لَكِ الجوّ فبيضي واصفري
و نَقِّرِي ما شئت أن تُنَقِّري
هذا حسين يخرج إلى العراق، وعليك بالحجاز.
قال أبو مخنف: قال أبو جناب يحيى بن أبي حيّة، عن عديّ بن حرملة الأسدي، عن عبداللّه بن سليم والمذريّ بن المشمعل الأسديين، قالا: خرجنا حاجّين من الكوفة حتّى قدمنا مكّة، فدخلنا يوم التروية، فإذا نحن بالحسين وعبداللّه بن الزبير قائمين عند ارتفاع الضحى فيما بين الحجر والباب، قالا: فتقرّبنا منهما، فسمعنا ابن الزبير وهو يقول للحسين: إن شئت أن تقيم أقمت فولِّيتَ هذا الأمر، فآزرناك وساعدناك، ونصحنا لك وبايعناك.
فقال له الحسين: إنّ أبي حدّثني أنّ بها كبشاً يستحلّ حرمتها، فما اُحبّ أن أكون أنا ذلك الكبش.
فقال له ابن الزبير: فأقم إن شئتَ وتولّيني أنا الأمر فتطاع ولا تعصى، فقال: وما ۵ / ۳۸۵
اُريد هذا أيضاً، قالا: ثمّ إنّهما أخفيا كلامهما دوننا، فما زالا يتناجيان حتّى سمعنا دعاء الناس رائحين متوجّهين إلى منى عند الظهر.