أمّا بعد؛ فالحمد للّه الذي أخذ لأمير المؤمنين بحقّه، وكفاه مؤنة عدوّه، أخبر أميرَ المؤمنين أكرمه اللّه أنّ مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هانئ بن عروة المرادي، وأنّي جعلت عليهما العيون، ودسست إليهما الرجال، وكدتهما حتّى استخرجتهما، وأمكن اللّه منهما، فقدّمتهما فضربت أعناقهما، وقد بَعَثتُ إليك برؤوسهما مع هانئ بن أبي حيّة الهمداني والزبير بن الأروح التميمي ـ وهما من أهل السمع والطاعة والنصيحة ـ فليسألهما أميرُ المؤمنين عمّا أحبّ من أمر، فإنّ عندهما علماً وصدقاً، وفهماً وورعاً، والسلام.
فكتب إليه يزيد: أمّا بعد؛ فإنّك لم تَعْدُ أن كنتَ كما اُحبّ، عملتَ عملَ الحازم، ومصُلتَ صولة الشجاع الرابط الجأش، فقد أغنيت وكفيت، وصدقت ظنّي بك، ۵ / ۳۸۱
ورأيي فيك، وقد دعوت رسوليك فسألتهما وناجيتهما، فوجدتهما في رأيهما وفضلهما كما ذكرت، فاستوصِ بهما خيراً، وأنّه قد بلغني أنّ الحسين بن عليّ قد توجّه نحو العراق، فضع المناظر والمسالح، و احترس على الظنّ، وخذ على التهمة، غير ألاّ تقتل إلاّ من قاتلك، واكتب إليَّ في كلّ ما يحدث من الخبر، والسلام عليك ورحمة اللّه.
قال أبو مخنف: حدّثني الصقعب بن زهير، عن عون بن أبي جحيفة، قال: كان مخرج مسلم بن عقيل بالكوفة يوم الثلاثاء لثمان ليال مضين من ذي الحجّة، سنّة ستّين ـ ويقال: يوم الأربعاء لسبع مضين سنة ستّين من يوم عرفة بعد مخرج الحسين من مكّة مقبلاً إلى الكوفة بيوم ـ قال: وكان مخرج الحسين من المدينة إلى مكّة يوم الأحد لليلتين بقيتا من رجب سنّة ستّين، ودخل مكّة ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان، فأقام بمكّة شعبان وشهر رمضان وشوالاً وذا القعدة، ثمّ خرج منها لثمان مضين من ذي الحجّة، يوم الثلاثاء، يوم التروية في اليوم الذي خرج فيه مسلم بن عقيل.