و اُدخِلَ مسلم على ابن زياد فلم يسلّم عليه بالإمرة، فقال له الحرسي: ألا تسلّم على الأمير؟!
فقال له: إن كان يريد قتلي فما سلامي عليه؟ وإن كان لا يريد قتلي فلعمري ليكثرنّ سلامي عليه.
فقال له ابن زياد: لعمري لتقتلنّ، قال: كَذلِكَ؟ قال: نعم، قال:
فدعني اُوصِ إلى بعض قومي، فنظر إلى جلساء عبيد اللّه وفيهم عمر بن سعد، فقال: يا عمر، إنّ بيني وبينكقرابة، ولي إليك حاجة، وقد يجب لي عليك نجح حاجتي، وهو سرّ، فأبى أن يمكّنه من ذكرها، فقال له عبيد اللّه:
لا تمتنع أن تنظر في حاجة ابن عمّك، فقام معه فجلس حيث ينظر إليه ابنُ زياد.
فقال له: إنّ عليَّ بالكوفة ديناً استدنته منذ قدمت الكوفة، سبعمئة درهم، فاقضها عنّي، وانظر جثّتي فاستوهبها من ابن زياد، فوارها، وابعث إلى حسين من يردّه، ۵ / ۳۷۷
فإنّي قد كتبت إليه اُعلمه أنّ الناس معه، ولا أراه إلاّ مقبلاً.
فقال عمر لابن زياد: أ تدري ما قال لي؟ أنّه ذكر كذا وكذا.
قال له ابن زياد: إنّه لا يخونك الأمين، ولكن قد يؤتمن الخائن، أمّا مالك فهو لك، ولسنا نمنعك أن تصنع فيه ما أحببت، وأمّا حسين فإنّه إن لم يُردنا لم نَرده، وإن أرادنا لم نَكُفَّ عنه، و أمّا جثّته فإنّا لن نشفّعك فيها، إنّه ليس بأهل منّا لذلك، قد جاهدنا وخالفنا، وجهد على هلاكنا.
و زعموا أنّه قال: أمّا جثّته فإنّا لا نبالي إذ قتلناه ما صُنع بها.
ثمّ إنّ ابن زياد قال: إيه يا بن عقيل! أتيتَ الناس وأمرهم جميع، وكلمتهم واحدة، لتشتّتهم، وتفرّق كلمتهم، وتحمل بعضهم على بعض؟!
قال: كلاّ، لست أتيت، ولكن أهل المصر زعموا أنّ أباكَ قتل خيارهم، وسَفَكَ دماءهم، وعمل فيهم أعمال كسرى وقيصر، فأتيناهم لنأمر بالعدل وندعو إلى حكم الكتاب.