295
تفسیر ابی الجارود و مسنده

امرأةٍ لَيس بالبَصرةِ فَقيهٌ ولا مُجتَهدٌ إلّا وهوَ يَأتيها؟ قلتُ : وَدِدتُ ذلكَ.
فوصَفَ لي مَنزِلها ، فَدخلتُ عَلَيها ، فإذا بِامرأةٍ قَد طَعَنتَ في السّنِّ ، عَليها أثرُ العِبادةَ ، في ناحيةٍ مِن دارِها رجلٌ مُلتَفٌّ في خَلَقٍ ، فَظَننتُ أنّه بعضُ مَن يَخدِمُها، فقالَت لي : ما حاجَتكَ يا عَبدَ اللَّهِ؟ قلتُ : إنّي رجُلٌ أرى‏ رأيَ الخَوارجِ لأنّي رَأيتُهم أشدَّ النّاسِ اجتهاداً وأسخاهُم نُفوساً بِالمَوتِ فرفَعَ إليَّ الشيخُ رأسَه ، وقالَ : إنّك لتَحطِبُ في حَبلِ قَومٍ فِي النّارِ يَسُبّونَ اللَّهَ ورَسولَهُ بِسَبّهِم أفضلَ النّاسِ بعدَ رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله ، فأقبَلتُ علَيه كَالمُنكرِ لِما قالَ! فَقالَت لي المرأةُ : يا عَبدَ اللَّهِ، أتَدري مَن هذا الشّيخُ؟ هذا أبو الحَمراءِ خادمُ رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله ، فقلتُ لَهُ : ما عَرفتُك! فَأخبِرني عَمّا عِندَك في عَليٍّ عليه السلام .
قالَ: اُخبركَ بِما رَأت عَينايَ، وسَمِعَت اُذُنايَ، ومَشَت فيهِ قَدَمايَ . بَينا أنا بَينَ يَدَي رسولِ اللَّهِ - صَلواتُ اللَّه عليهِ وآلهِ - أخدِمُهُ ، إذ قالَ لي : «يا أبا الحَمراءِ، اُخرُج فَائتِني بِمئةِ رجلٍ من العَربِ» ، وسَمّاهُم لي ، وخَرَجتُ فَأتَيتهُ بهِم ، فصَفَّهم صَفّاً بينَ يَديهِ، ثمّ قالَ لي : «اُخرج فَائتِني بكَذا وكَذا منَ العجَم» ، وسَمّاهم لي ، فَأتيتهُ بهِم، فصَفَّهم صَفّاً خَلفَ صَفّ العَربِ ، ثمّ قالَ لي : «اُخرج فَائتِني بِقومٍ مِن القِبطِ» ، وسَمّاهُم لي ، فَأتيتهُ بِهِم ، فصَفَّهم وراءَ العَجمِ ، ثمّ قالَ لي : «إيتِني بنَفرٍ من الحَبَشِ»، وسَمّاهُم لي ، فَأتيتهُ بِهم ، فَصفّهُم مِن وراءِ القِبط .
ثمّ أقبلَ على‏ جميعِهِم ، وقالَ : «أتَشهَدون أنّي مولى‏ المُؤمنينَ ، وأولى‏ بِهم مِن أنفُسِهم؟» قالوا : اللّهمَّ نَعم .
قال : «مَن كنتُ مَولاهُ فَعلِيٌّ مَولاهُ، اللّهمَّ والِ مَن والاهُ، وعادِ مَن عاداهُ، وَانصُر مَن نصرَهُ، وَاخذُل مَن خذَلَهُ ، هل سمِعتُم وأطَعتُم؟»، قالوا : نَعم ، يا رسولَ اللَّه، قال : «اللَّهمَّ اشهَد» .
ثمّ قالَ لي : «يا أبا الحَمراءِ ، إيتِني بِأديمٍ ودَواةٍ»، فَأتيتُه بِذلكَ ، ثمّ قالَ لي : اُكتُب : «بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، هذا ما أقرَّت بهِ العربُ وَالعجَمُ وَالقِبطُ وَالحبَشُ: إنّ اللَّهَ


تفسیر ابی الجارود و مسنده
294

أمرِهِم مِن بَعدي؟» .
فَقالوا : اللَّهمَّ نَعَم.
فقالَ : «اللَّهمَّ أشهَد»، حَتّى‏ قالَها ثَلاثاً. ثمّ قالَ لِعَليٍّ عليه السلام : «يا أبا الحَسنِ ، اِنطَلق فَائتِني بِصَحيفةٍ ودَواةٍ» ، فَدَفعَها إلى‏ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ ، وقالَ : «اُكتُب» ، فَقالَ : «وما أكتُبُ؟» قالَ : «اُكتُب: بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرّحيمِ ، هذا ما أقرَّت بِه العرَبُ وَالعَجمُ وَالقِبطُ وَالحبشَةُ ؛ أقَرّوا بِشَهادةِ أن لا إلهَ إلّا اللَّهُ ، وأنّ مُحمّداً عبدُهُ ورَسولهُ ، وأنّ عَليَّ بنَ أبي طالبٍ أميرُ المؤمنينَ ووَليُّ أمرِهم مِن بَعدي» ، ثمَّ خَتَمَ الصّحيفَةَ ودَفَعَها إلى‏ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَما رأيتُها إلى‏ السّاعةِ.
فقلتُ : رَحِمكَ اللَّهُ، زِدني.
فقال : نَعَم ، خَرجَ عَلينا رسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله يومَ عَرفَةَ ، وهوَ آخِذٌ بيَدِ عَليٍّ عليه السلام ، فقالَ : «يا مَعشرَ الخَلائِق ، إنّ اللَّهَ تباركَ وتعالى‏ باهى‏ بِكُم في هذا اليومِ لِيَغفِرَ لَكُم عامَّةً» ، ثمّ التَفتَ إلى‏ عَلِيٍّ عليه السلام ، فقالَ لَه : «وغَفَرَ لكَ - يا عَلِيُّ - خاصّةً». ثمّ قالَ صلى اللّه عليه و آله : «يا عَليُّ ادنُ مِنّي» فَدنا منهُ ، فقالَ : «إنّ السّعيدَ حقَّ السّعيدِ مَن أحَبّكَ وأطاعكَ ، وإنّ الشّقِيَّ كُلَّ الشّقِيِّ مَن عاداكَ ونَصبَ لكَ وأبغضَكَ. يا عَليُّ ، كَذَبَ مَن زَعمَ أنّهُ يُحِبّني ويُبغِضكَ. يا عَليُّ، مَن حارَبكَ فَقد حارَبَني، ومَن حارَبَني فقَد حارَبَ اللَّهَ عزّ و جلّ . يا عَلِيُّ، مَن أبغَضَكَ فقَد أبغَضَني، ومَن أبغَضَني فَقد أبغضَ اللَّهَ، وأتعَسَ اللَّهُ جَدَّهُ، وأدخَلهُ نارَ جَهَنَّمَ».۱

۴۰۱.شرح الأخبار: محمّد بن سنان، عن (أبي) الجارود (زياد بن المنذر)، عن عمر المرادي، قال : كنتُ أرى‏ رأيَ الخوارجٌ؛ لأنّي لَم أرَ قوماً أشدَّ مِنهُم اجتهاداً ولا أسخىَ نُفوساً بالمَوت ، وكنتُ آتِي القُضاةَ والفُقهاءَ ، فقالَ لي رَجلٌ يوماً مِن الأيّامِ : هل أدُلّكَ على‏

1.الأمالي للصدوق : ص ۴۶۴ ح ۶۲۱ ؛ الأمالي للطوسي : ص ۴۲۶ ح ۹۵۳ عن أبي عبد اللَّه الحسين بن عبيد اللَّه الغضائري ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي ، عن أبيه عليّ بن الحسين بن بابويه (رحمه اللَّه) ، عن محمّد بن موسى بن المتوكّل ، عن عليّ بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللَّه البرقي ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي الجارود زياد بن المنذر ، عن القاسم بن الوليد ، عن شيخٍ من ثمالة ؛ بشارة المصطفى : ص ۵۹ و كلاهما نحوه ؛ بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۲۲۰ ح ۶ و ج ۸۹ ص ۱۰۸ ح ۳۸.

  • نام منبع :
    تفسیر ابی الجارود و مسنده
    سایر پدیدآورندگان :
    علي شاه‌ علي‌زاده
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16985
صفحه از 416
پرینت  ارسال به