271
تفسیر ابی الجارود و مسنده

العبّاس القرشي ، قال: حدّثنا أيّوب بن نوح بن درّاج ، قال : حدّثنا محمّد بن سعيد بن زائدة ، عن أبي الجارود زياد بن المنذر ، عن محمّد بن علي‏[ عليه السلام ] ، وعن زيد بن عليّ ، كلاهما عن أبيهما عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب [ عليهم السلام ] ، قال :
«لمّا ثَقُلَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله في مَرَضهِ الّذي قُبِضَ فيهِ، كانَ رَأسُهُ في حِجري وَالبَيتُ مَملوءٌ مِن أصحابهِ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأنصارِ ، وَالعبّاسُ بينَ يَدَيهِ يَذُبُّ عنهُ بِطَرَفِ رِدائهِ ، فَجَعَلَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله يُغمى‏ عليهِ ساعةً ويَفيقُ ساعةً ، ثمّ وجَدَ خِفّةً ، فَأقبلَ على‏ العَبّاسِ ، فقالَ : "يا عبّاسُ ، يا عَمَّ النّبِيِّ ، اِقبَل وَصِيّتي في أهلي وفي أزواجي ، وَاقضِ دَيني ، وأنجِز عِداتي، وأبرِئ ذِمّتي".
فقالَ العَبّاسُ : يا نَبِيَّ اللَّهِ ، أنا شَيخٌ ذو عِيالٍ كَثيرٍ ، غَيرُ ذي مالٍ مَمدودٍ ، وأنتَ أجوَدُ مِنَ السَّحابِ الهاطِلِ وَالرّيحِ المُرسَلَةِ ، فَلَو صَرَفتَ ذلِكَ عَنّي إلى‏ مَن هوَ أطوَقُ لَه مِنّي .
فقالَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله : "أما إنّي سَاُعطيها مَن يَأخُذُها بِحَقِّها ، ومَن لا يقولُ مِثلَ ما تَقولُ ، يا عَلِيُّ هاكَها خالِصَةً لا يُحاقُّكَ فيها أحَدٌ ، يا عَلِيُّ اقبَل وَصِيَّتي، وأنجِز مَواعيدي، وأدِّ دَيني ، يا عَلِيُّ اخلُفني في أهلي ، وبَلِّغ عَنّي مِن بَعدي"».
قالَ عَلِيٌّ عليه السلام : «فَلمّا نَعى‏ إليَّ نفسَهُ ، رَجَفَ فُؤادي واُلِقَي عَليَّ لِقَولهِ البُكاءُ ، فلَم أقدِر أن اُجيبَهُ بِشَي‏ءٍ ، ثمّ عادَ لِقولهِ، فقالَ : "يا عَلِيُّ ، أوَ تَقبَلُ وَصِيَّتي؟"». قالَ : «فقُلتُ - وقَد خَنَقَتني العَبرَةُ ، ولَم أكَد أن اُبَيِّنَ - : نَعَم يا رَسولَ اللَّهِ. فقالَ صلى اللّه عليه و آله : "يا بِلالُ ائتِني بِسَوادي‏۱ ، إيتِني بِذي الفَقارِ ، ودِرعي ذاتِ الفُضولِ ، إيتِني بِمِغفَري ذِي الجَبينِ ، ورايَتِيَ العُقابِ ، وَائتِني بِالعَنَزَةِ۲وَالمَمشوقِ‏۳". فَأتى‏ بِلالٌ بِذلِكَ كُلِّهِ إلّا دِرعَهُ

1.السَّواد: المَتاع؛ من ثياب وغيره. اُنظر: النهاية: ج ۲ ص ۴۱۹ (سود).

2.العَنَزَة: مثل نصف الرمح أو أكبر شيئاً، وفيها سِنانٌ مثل سنان الرمح. النهاية: ج ۳ ص ۳۰۸ (عنز).

3.المَمشوق: قضيبٌ للنبيّ صلى اللّه عليه و آله ، وهو عصا من شَوحَط. اُنظر: مجمع البحرين: ج ۳ ص ۱۴۸۸ (قضب).


تفسیر ابی الجارود و مسنده
270

"أفرِجوا فَإنَّها رَسولُ قَومٍ يُقالُ لَهُم: بَنو عامِرٍ" .
فَجاءتِ الحَيّةُ حَتّى‏ صَعِدَتِ المِنبَرَ ووَصَلَت إلى‏ أميرِ المُؤمنينَ عليه السلام ، ووَضَعَت فاها على‏ اُذُنِهِ وَالنّاسُ يَنظُرونَ إلَيها ، وإنّها تُسارّهُ إسراراً وتُنَقنِقُ كَتَنَقنُقِ الطَّيرِ ، ثُمّ كَلّمَها بِكَلامٍ يُشبِهُ نَقيقَها ، ثُمّ وَلَّت الحَيّةُ خارِجَةً مِن حَيثُ دَخَلَت ، ونَزَلَ أميرُ المُؤمِنينَ عَنِ المِنبَرِ.
فَقالوا لَه : ماذا أرادَتِ الحَيَّةُ يا أميرَ المُؤمِنينَ، وما حالها؟
فقالَ : "هذِهِ الحَيّةُ رَسولُ قَومٍ منَ الجِنِّ ، يقالُ لَهُم: بَنو عامِرٍ، أخبَرَتني أنّهُ وَقَعَ بَينَهُم وبَينَ قَومٍ - يُقالُ لَهُم: بَنو عَنتَرَةَ - شَرٌّ وقِتالٌ، فبَعَثوا إلَيَّ هذِهِ الحَيّةَ يَسألونّي الإصلاحَ بَينَهُم، فَوَعَدتُهم بِذلِكَ وأنا آتيهِمُ اللَّيلَةَ".
قالوا : يا أميرَ المُؤمِنينَ ائذَن لَنا أن نَخرُجَ مَعَكَ ، قالَ : "أنا لا أكرَهُ ذلِكَ".
فلَمّا صَلّى‏ بِهِمُ العِشاءَ الآخِرَةَ انطَلَقَ وَالنّاسُ حَولَهُ، حَتّى‏ أتى‏ بِهِم ظَهرَ الكوفَةِ في غَرِبيِّها، فَخَطَّ عَلَيهِم خِطَّةً ثمَّ قالَ لَهُم" : إيّاكُم أن تَخرُجوا مِن هذِهِ الخِطّة". فقَعَدوا في الخِطَّةِ وهُم يَنظُرونَ إلَيهِ وقَد نُصِبَ مِنبَرٌ فَصَعِدَ عَلَيهِ، ثُمّ خَطَبَ خُطبةً لَم يَسمَعِ الأوّلونَ بِمِثلِها، ثُمّ لَم يَبرَح حَتّى‏ أصلَحَ بَينَهُم وَاقتَدى‏ بَعضُهُم بِبَعضٍ .
وأقبَلَ أميرُ المُؤمنينَ عليه السلام إلى‏ أصحابِهِ وهُم يَنظُرونَ إلى‏ الجِنِّ حَولَهُ يَميناً وشِمالاً، فَقالوا : يا أميرَ المُؤمِنينَ، رَأينا عَجَباً في المُشاهَدَةِ ! قالَ : "رَأيتُموهُم"؟ قالوا : نَعَم ، قالَ : "فَصِفوهُم لي" ، قالوا : هُم أقوامٌ شِبرٌ بِالطّولِ شَبيهٌ بِالزُّطِّ۱ ، قالَ : "صَدَقتُم فَقَد رَأيتُموهُم حَقّاً، إنَّهُم بُعِثوا يَستَغيثونّي فَأَغَثتُهُم ، وكانَ بَينَهُم دِماءٌ فَخافوا أن يَتَفانَوا، فَأصلَحتُ بَينَهُم وقَرَّبتُ بَعضَهُم مِن بَعضٍ". فكانَ هذا مِن دَلائِلِهِ عليه السلام » . ۲

۳۷۸.الأمالي للطوسي: حدّثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسي (قدس اللَّه روحه) ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن محمّد بن جعفر الرزّاز أبي

1.الزُّطّ: هم جِنسٌ من السودان والهنود. النهاية: ج ۲ ص ۳۰۲ (زطا).

2.الهداية الكبرى ، ص ۱۴۷.

  • نام منبع :
    تفسیر ابی الجارود و مسنده
    سایر پدیدآورندگان :
    علي شاه‌ علي‌زاده
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17033
صفحه از 416
پرینت  ارسال به