عِندَ اللّهِ، راغِباً فيما وَعَدَ اللّهُ، ومَضَيتَ لِلَّذى كنُتَ عَلَيهِ شاهِداً ومَشهوداً، فَجَزاكَ اللّهُ عَن رَسولِهِ وعَن الإِسلامِ وأَهلِهِ أفضَلَ الجَزاءِ.
وكُنتَ أوَّلَ القَومِ إسلاماً، وأَخلَصَهُم إيماناً، وأَشَدَّهُم يَقيناً، وأَخوَفَهُم للّهِ، وأَعظَمَهُم عَناءً، وأَحوَطَهُم عَلى رَسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله، وأَفضَلَهُم مَناقِبَ، وأَكثَرَهُم سَوابِقَ، وأَرفَعَهُم دَرَجَةً، وأَشرَفَهُم مَنزِلَةً، وأَكرَمَهُم عَلَيهِ، قَويتَ حينَ ضَعُفَ أصحابُهُ، وبَرَزتَ حينَ استَكانوا، ونَهَضتَ حينَ وَهَنوا، ولَزِمتَ مِنهاجَ رَسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله، وكُنتَ خَليفَتَهُ حَقّاً بِرَغمِ المُنافِقينَ، وغَيظِ الكافِرينَ، وكَيدِ الحاسِدينَ، وضَغَنِ الفاسِقينَ، فَقُمتَ بِالأَمرِ حينَ فَشِلوا، ونَطَقتَ حينَ تَتَعتَعوا، ومَضَيتَ بِنورِ اللّهِ إذ وَقَفوا، فَمَنِ اتَّبَعَكَ فَقَد هُدِىَ. كُنتَ أقَلَّهُم كَلاماً، وأصوَبَهُم مَنطِقاً، وأَكثَرَهُم رَأياً، وأَشجَعَهُم قَلباً، وأَشَدَّهُم يَقيناً وأَحسَنَهُم عَمَلاً، وأَعرَفَهُم بِاللّهِ، كُنتَ لِلدّينِ يَعسوباً أوَّلاً حينَ تَفَرَّقَ النّاسُ، وآخِراً حينَ فَشِلوا، كُنتَ لِلمُؤمِنينَ أباً رَحيماً إذ صاروا عَلَيكَ عِيالاً، فَحَمَلتَ أثقالَ ما عَنهُ ضَعُفوا، وحَفِظتَ ما أضاعوا، ورَعَيتَ ما أهمَلوا، وشَمَّرتَ إذ جَنَبوا، وعَلَوتَ إذ هَلِعوا، وصَبَرتَ إذ جَزِعوا.
كُنتَ عَلَى الكافِرينَ عَذاباً صَبّاً وغِلظَةً وغَيظاً، ولِلمُؤمِنينَ عَيناً وحِصناً وعَلَماً، لَم تُفلَل حُجَّتُكَ، ولَم يَرتَب قَلبُكَ، ولَم تَضعُف بَصيرَتُكَ، ولَم تَجبُن نَفسُكَ، وكُنتَ كَالجَبَلِ لا تُحَرِّكُهُ العَواصِفُ، ولا تُزيلُهُ القَواصِفُ، وكُنتَ ـ كَما قالَ رَسولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله ـ قَوِيّاً فى أمرِ اللّهِ،