الرّاحِمينَ.۱
۴ / ۲ ـ ۸
مناجاة المريدين
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، سُبحانَكَ ما أضيَقَ الطُّرُقَ عَلى مَن لَم تَكُن دَليلَهُ، وما أوضَحَ الحَقَّ عِندَ مَن هَدَيتَهُ سَبيلَهُ، إلهي ! فَاسلُك بِنا سُبُلَ الوُصولِ إلَيكَ، وسَيِّرنا في أقرَبِ الطُّرُقِ لِلوُفودِ عَلَيكَ، قَرِّب عَلَينَا البَعيدَ، وسَهِّل عَلَينَا العَسيرَ الشَّديدَ، وأَلحِقنا بِالعِبادِ الَّذينَ هُم بِالبِدارِ إلَيكَ يُسارِعونَ، وبابَكَ عَلَى الدَّوامِ يَطرُقونَ، وإيّاكَ فِي اللَّيلِ يَعبُدونَ، وهُم مِن هَيبَتِكَ مُشفِقونَ.
الَّذينَ صَفَّيتَ لَهُمُ المَشارِبَ، وبَلَّغتَهُمُ الرَّغائِبَ، وأَنجَحتَ لَهُمُ المَطالِبَ، وقَضَيتَ لَهُم مِن وَصلِكَ المَآرِبَ، ومَلَأتَ لَهُم ضَمائِرَهُم مِن حُبِّكَ، ورَوَّيتَهُم مِن صافي شِربِكَ، فَبِكَ إلى لَذيذِ مُناجاتِكَ وَصَلوا، ومِنكَ أقصى مَقاصِدِهِم حَصَّلوا، فَيا مَن هُوَ عَلَى المُقبِلينَ عَلَيهِ مُقبِلٌ، وبِالعَطفِ عَلَيهِم عائِدٌ مُفضِلٌ، وبِالغافِلينَ عَن ذِكرِهِ رَحيمٌ رَؤُوفٌ، وبِجَذبِهِم إلى بابِهِ وَدودٌ عَطوفٌ، أسأَ لُكَ أن تَجعَلَني مِن أوفَرِهِم مِنكَ حَظّا، وأَعلاهُم عِندَكَ مَنزِلاً، وأَجزَلِهِم مِن وُدِّكَ قِسما، وأَفضَلِهِم في مَعرِفَتِكَ نَصيبا، فَقَدِ انقَطَعَت إلَيكَ هِمَّتي، وَانصَرَفَت نَحوَكَ رَغبَتي.
فَأَنتَ لا غَيرُكَ مُرادي، ولَكَ لا لِسِواكَ سَهَري وسُهادي، ولِقاؤُكَ قُرَّةُ