سَيِّدي! كَيفَ آيَسُ مِن حُسنِ نَظَرِكَ بي بَعدَ مَماتي، وأَنتَ لَم تُوَلِّني إلّا جَميلاً في حَياتي؟!
سَيِّدي! عَفوُكَ أعظَمُ مِن كُلِّ جُرمٍ، ونِعمَتُكَ مَمحاةٌ لِكُلِّ إثمٍ.
سَيِّدي! إن كانَت ذُنوبي قَد أخافَتني، فَإِنَّ مَحَبَّتي لَكَ قَد آمَنَتني، فَتَوَلَّ مِن أمري ما أنتَ أهلُهُ، وعُد بِفَضلِكَ عَلیٰ مَن قَد غَمَرَهُ جَهلُهُ.
يا مَنِ السِّرُّ عِندَهُ عَلانِيَةٌ، ولا تَخفیٰ عَلَيهِ مِنَ الغَوامِضِ خافِيَةٌ، فَاغفِر لي ما خَفِيَ عَلَى النّاسِ مِن أمري، وخَفِّف بِرَحمَتِكَ مِن ثِقلِ الأَوزارِ ظَهري.
سَيِّدي! سَتَرتَ عَلَيَّ ذُنوبي فِي الدُّنيا ولَم تُظهِرها، فَلا تَفضَحني بِها فِي القِيامَةِ وَاستُرها، فَمَن أحَقُّ بِالسَّترِ مِنكَ يا سَتّارُ، ومَن أولیٰ مِنكَ بِالعَفوِ عَنِ المُذنِبينَ يا غَفّارُ؟!
إلٰهي! جودُكَ بَسَطَ أمَلي، وسَترُكَ قَبِلَ عَمَلي، فَسُرَّني بِلِقائِكَ عِندَ اقتِرابِ أجَلي.
سَيِّدي! لَيسَ اعتِذاري إلَيكَ اعتِذارَ مَن يَستَغني عَن قَبولِ عُذرِهِ، ولا تَضَرُّعي تَضَرُّعَ مَن يَستَنكِفُ عَن مَسأَلَتِكَ لِكَشفِ ضُرِّهِ، فَاقبَل عُذري يا خَيرَ مَنِ اعتَذَرَ إلَيهِ المُسيؤونَ، وأَكرَمَ مَنِ استَغفَرَهُ الخاطِئونَ.
سَيِّدي! لا تَرُدَّني في حاجَةٍ قَد أفنَيتُ عُمُري في طَلَبِها مِنكَ، ولا أجِدُ غَيرَكَ مَعدِلاً بِهاَ عَنكَ.
سَيِّدي! لَو أرَدتَ إهانَتي لَم تَهدِني، ولَو أرَدتَ فَضيحَتي لَم تَستُرني، فَأَدِم إمتاعي بِما لَهُ هَدَيتَني، ولا تَهتِك عَمّا بِهِ سَتَرتَني.
سَيِّدي! لَولا مَا اقتَرَفتُ مِنَ الذُّنوبِ ما خِفتُ عِقابَكَ، ولَولا ما عَرَفتُ مِن كَرَمِكَ ما رَجَوتُ ثَوابَكَ، وأَنتَ أكرَمُ الأَكرَمينَ بِتَحقيقِ آمالِ الآمِلينَ، وأَرحَمُ مَنِ استُرحِمَ فِي التَّجاوُزِ عَنِ المُذنِبينَ.