إلٰهي! لَولا ما جَهِلتُ مِن أمري لَم أستَقِلكَ عَثَراتي، ولَولا ما ذَكَرتُ مِن شِدَّةِ التَّفريطِ لَم أسكُب عَبَراتي. سَيِّدي! فَامحُ مُثبَتاتِ العَثَراتِ لِمُسبَلاتِ العَبَراتِ، وهَب كَثيرَ السَّيِّئاتِ بِقَليلِ الحَسَناتِ.
سَيِّدي! إن كُنتَ لا تَرحَمُ إلّاَ المُجِدّينَ في طاعَتِكَ، فَإِلیٰ مَن يَفزَعُ المُقَصِّرونَ؟ وإن كُنتَ لا تَقبَلُ إلّا مِنَ المُجتَهِدينَ، فَإِلیٰ مَن يَلجَأُ الخاطِئونَ؟ وإن كُنتَ لا تُكرِمُ إلّا أهلَ الإِحسانِ، فَكَيفَ يَصنَعُ المُسيئونَ؟ وإن كانَ لا يَفوزُ يَومَ الحَشرِ إلّاَ المُتَّقونَ، فَبِمَن يَستَغيثُ المُذنِبونَ؟
سَيِّدي! إن كانَ لا يَجوزُ عَلَى الصِّراطِ إلّا مَن أجازَتهُ بَراءَةُ عَمَلِهِ، فَأَنّیٰ بِالجَوازِ لِمَن لَم يَتُب إلَيكَ قَبلَ دُنُوِّ أجَلِهِ؟ وإن لَم تَجُد إلّا عَلیٰ مَن عَمَّرَ بِالزُّهدِ مَكنونَ سَريرَتِهِ، فَمَن لِلمُضطَرِّ الَّذي لَم يُرضِهِ بَينَ العالَمينَ سَعيُ نَقِيَّتِهِ؟
سَيِّدي! إن حَجَبتَ عَن أهلِ تَوحيدِكَ نَظَرَ تَغَمُّدِكَ بِخَطيئاتِهِم، أوبَقَهُم۱ غَضَبُكَ بَينَ المُشرِكينَ بِكُرُباتِهِم.
سَيِّدي! إن لَم تَشمَلنا يَدُ إحسانِكَ يَومَ الوُرودِ، اختَلَطنا فِي الخِزيِ يَومَ الحَشرِ بِذَوِي الجُحودِ، فَأَوجِب لَنا بِالإِسلامِ مَذخورَ هِباتِكَ، وأَصفِ ما كَدَّرَتهُ الجَرائِمُ بِصَفحِ صِلاتِكَ.
سَيِّدي! لَيسَ لي عِندَكَ عَهدٌ اتَّخَذتُهُ، ولا كَبيرُ عَمَلٍ أخلَصتُهُ، إلّا أنّي واثِقٌ بِكَريمِ أفعالِكَ، راجٍ لِجَسيمِ إفضالِكَ، عَوَّدتَني مِن جَميلِ تَطَوُّلِكَ عادَةً أنتَ أولیٰ بِإِتمامِها، ووَهَبتَ لي مِن خُلوصِ مَعرِفَتِكَ حَقيقَةً أنتَ المَشكورُ عَلیٰ إلهامِها.