سَيِّدي! جِئتُ مَلهوفاً قَد لَبِستُ عُدمَ فاقَتي، وأَقامَني مُقامَ الأَذِلّاءِ بَينَ يَدَيكَ ضُرُّ حاجَتي.
سَيِّدي! كَرُمتَ فَأَكرِمني إذ كُنتُ مِن سُؤالِكَ، وجُدتَ بِمَعروفِكَ فَاخلُطني بِأَهلِ نَوالِكَ.
اللَّهُمَّ ارحَم مِسكيناً لا يُجيرهُ إلّا عَطاؤُكَ، وفَقيراً لا يُغنيهِ إلّا جَدواكَ.
سَيِّدي! أصبَحتُ عَلیٰ بابٍ مِن أبوابِ مِنَحِكَ سائِلاً، وعَنِ التَّعَرُّضِ بِسِواكَ عادِلاً، ولَيسَ مِن جَميلِ امتِنانِكَ رَدُّ سائِلٍ مَلهوفٍ، ومُضطَرٍّ لاِنتِظارِ فَضلِكَ المَألوفِ.
سَيِّدي! إن حَرَمتَني رُؤيَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآلِهِ فِي دارِ السَّلامِ، وأَعدَمتَني طَوفَ الوَصائِفِ وَالخُدّامِ، وصَرَفتَ وَجهَ تَأميلي بِالخَيبَةِ في دارِ المُقامِ، فَغَيرَ ذلِكَ مَنَّتني نَفسي مِنكَ، يا ذَا الطَّولِ وَالإِنعامِ.
سَيِّدي! وعِزَّتِكَ لَو قَرَنتَني فِي الأَصفادِ، ومَنَعتَني سَيبَكَ مِن بَينِ العِبادِ، ما قَطَعتُ رَجائي عَنكَ، ولا صَرَفتُ انتِظاري لِلعَفوِ مِنكَ.
سَيِّدي! لَو لَم تَهدِني إلَى الإِسلامِ لَضَلَلتُ، ولَو لَم تُثَبِّتني إذاً لَزَلَلتُ، ولَو لَم تُشعِر قَلبِيَ الإِيمانَ بِكَ ما آمَنتُ ولا صَدَّقتُ، ولَو لَم تُطلِق لِساني بِدُعائِكَ ما دَعَوتُ، ولَو لَم تُعَرِّفني حَقيقَةَ مَعرِفَتِكَ ما عَرَفتُ، ولَو لَم تَدُلَّني عَلى كَريمِ ثَوابِكَ ما رَغِبتُ، ولَو لَم تُبَيِّن لي أليمَ عِقابِكَ ما رَهِبتُ، فَأَسأَلُكَ تَوفيقي لِما يوجِبُ ثَوابَكَ، وتَخليصي مِمّا يَكسِبُ عِقابَكَ.
سَيِّدي! إن أقعَدَنِي التَّخَلُّفُ عَنِ السَّبقِ مَعَ الأَبرارِ، فَقَد أقامَتنِي الثِّقَةُ بِكَ عَلى مَدارِجِ الأَخيارِ.
سَيِّدي! كُلُّ مَكروبٍ إلَيكَ يَلتَجِئُ، وكُلُّ مَحزونٍ إيّاكَ يَرتَجي، سَمِعَ العابِدونَ بِجَزيلِ ثَوابِكَ فَخَشَعوا، وسَمِعَ المُوَلّونَ عَنِ القَصدِ