167
الاعتکاف فی الکتاب و السنّه

المُحتاجونَ، ارحَمني إذَا انقَطَعَ مَعلومُ عُمُري، ودَرَسَ ذِكري وَامتَحیٰ أثَري، وبُوِّئتُ فِي الضَّريحِ مُرتَهَناً بِعَمَلي، مَسؤولاً عَمّا أسلَفتُهُ مِن فارِطِ زَلَلي، مَنسِيّاً كَمَن نُسِيَ فِي الأَمواتِ مِمَّن كانَ قَبلي.
رَبِّ! سَهِّل لي تَوبَةً إلَيكَ، وأَعِنّي عَلَيها، وَاحمِلني عَلیٰ مَحَجَّةِ الإِخباتِ لَكَ، وأَرشِدني إلَيها، فَإِنَّ الحَولَ وَالقُوَّةَ بِمَعونَتِكَ، وَالثَّباتَ وَالاِنتِقالَ بِقُدرَتِكَ.
يا مَن هُوَ أرحَمُ لي مِنَ الوالِدِ الشَّفيقِ، وأَبَرُّ بي مِنَ الوَلَدِ الرَّفيقِ، وأَقرَبُ إلَيَّ مِنَ الجارِ اللَّصيقِ، قَرِّبِ الخَيرَ مِن مُتَناوَلي، وَاجعَلِ الخِيَرَةَ العامَّةَ فيما قَضَيتَ لي، وَاختِم لي بِالبِرِّ وَالتَّقویٰ عَمَلي، وأَجِرني مِن كُلِّ عائِقٍ يَقطَعُني عَنكَ، و[أعِذني مِن] كُلِّ قَولٍ وفِعلٍ يُباعِدُني مِنكَ، وَارحَمني رَحمَةً تَشفي بِها قَلبي مِن كُلِّ شُبهَةٍ مُعتَرِضَةٍ، وبِدعَةٍ مُمرِضَةٍ.
سَيِّدي! خابَ رَجاءُ مَن رَجا سِواكَ، وظَفِرَت يَدُ مَن بِحاجَتِهِ ناجاكَ، وضَلَّ مَن يَدعُو العِبادَ لِكَشفِ ضُرِّهِم إلّا إيّاكَ، أنتَ المُؤمَّلُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ، وَالمَفزَعُ في كُلِّ كُربَةٍ وضَرّاءَ، وَالمُستَجارُ بِهِ مِن كُلِّ فادِحَةٍ ولَأواءٍ، لا يَقنَطُ مِن رَحمَتِكَ إلّا مَن تَوَلّیٰ وكَفَرَ، ولا يَيأَسُ مِن رَوحِكَ إلّا مَن عَصیٰ وأَصَرَّ، أنتَ وَلِيّي فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ، تَوَفَّني مُسلِماً وأَلحِقني بِالصّالِحينَ.
يا مَن لا يَحرِمُ زُوّارَهُ عَطاياهُ، ولا يُسلِمُ مَنِ استَجارَهُ وَاستَكفاهُ، أمَلي واقِفٌ عَلى جَدواكَ، ووَجهُ طَلِبَتي مُنصَرِفٌ عَمَّن سِواكَ، وأَنتَ المَليءُ بِتَيسيرِ الطَّلِباتِ، وَالوَفِيُّ بِتَكثيرِ الرَّغَباتِ، فَأَنجِح لِيَ المَطلوبَ مِن فَضلِكَ بِرَحمَتِكَ، وَاسمَح لي بِالمَرغوبِ فيهِ مِن بَذلِكَ بِنِعمَتِكَ.
سَيِّدي! ضَعُفَ جِسمي، ودَقَّ عَظمي، وكَبُرَ سِنّي، ونالَ الدَّهرُ


الاعتکاف فی الکتاب و السنّه
166

اللَّهُمَّ أنتَ المَلِكُ الَّذي لا يُمَلَّكُ، وَالواحِدُ الَّذي لا شَريكَ لَكُ، يا سامِعَ السِّرِّ وَالنَّجویٰ، ويا دافِعَ الضُّرِّ وَالبَلویٰ، ويا كاشِفَ العُسرِ وَالبُؤسیٰ، وقابِلَ العُذرِ وَالعُتبیٰ، ومُسبِلَ السِّترِ عَلَى الوَریٰ، جَلِّلني مِن رَأفَتِكَ بِأَمرٍ واقٍ، وسُمني۱ مِن رِعايَتِكَ بِرُكنٍ باقٍ، وأَوصِلني بِعِنايَتِكَ إلیٰ غايَةِ السِّباقِ، وَاجعَلني بِرَحمَتِكَ مِن أهلِ الرِّعايَةِ لِلميثاقِ، وَاعمُر قَلبي بِخَشيَةِ ذَوِي الإِشفاقِ، يا مَن لَم يَزَل فِعلُهُ بي حَسَناً جَميلاً، ولَم يَكُن بِسَترِهِ عَلَيَّ بَخيلاً، ولا بِعُقوبَتِهِ عَلَيَّ عَجولاً، أتمِم عَلَيَّ ما ظاهَرتَ مِن تَفَضُّلِكَ، ولا تُؤاخِذني بِما سَتَرتَ عَلَيَّ عِندَ نَظَرِكَ.
سَيِّدي! كَم مِن نِعمَةٍ ظَلَلتُ لِأَنيقِ بَهجَتِها لابِساً، وكَم أسدَيتَ عِندي مِن يَدٍ قَد طَفِقتَ۲ بِهدايَتِها مُنافِساً، وكَم قَلَّدتَني مِن مِنَّةٍ ضَعُفَت قُوايَ عَن حَملِها، وذَهِلَت فِطنَتي عَن ذِكرِ فَضلِها، وعَجَزَ شُكري عَن جَزائِها، وضِقتُ ذَرعاً بِإِحصائِها، قابَلتُكَ فيها بِالعِصيانِ، ونَسيتُ شُكرَ ما أولَيتَني فيها مِنَ الإِحسانِ، فَمَن أسوَأُ حالاً مِنّي إن لَم تَتَدارَكني بِالغُفرانِ، وتوزِعني شُكرَ مَا اصطَنَعتَ عِندي مِن فَوائِدِ الاِمتِنانِ، فَلَستُ مُستَطيعاً لِقَضاءِ حُقوقِكَ إن لَم تُؤيِّدني بِصُحبَةِ تَوفيقِكَ.
سَيِّدي! لَولا نورُكَ عَميتُ عَنِ الدَّليلِ، ولَولا تَبصيرُكَ ضَلَلتُ عَنِ السَّبيلِ، ولَولا تَعريفُكَ لَم اُرشَد لِلقَبولِ، ولَولا تَوفيقُكَ لَم أهتَدِ إلیٰ مَعرِفَةِ التَّأويلِ.
فَيا مَن أكرَمَني بِتَوحيدِهِ، وعَصَمَني عَنِ الضَّلالِ بِتَسديدِهِ، وأَلزَمَني إقامَةَ حُدودِهِ، لا تَسلُبني ما وَهَبتَ لي مِن تَحقيقِ مَعرِفَتِكَ، وأَحيِني بِيَقينٍ أسلَمُ بِهِ مِنَ الإِلحادِ في صِفَتِكَ، يا خَيرَ مَن رَجاهُ الرّاجونَ، وأَرأَفَ مَن لَجَأَ إلَيهِ اللّاجونَ، وأَكرَمَ مَن قَصَدَهُ

1.. في الصحیفة السجّادیّة الجامعة: ص۴۴۷ «اشملني».

2.. طفق فلانٌ بما أراد: أي ظَفِر (لسان العرب: ج۱۰ ص۲۲۵ «طفق»).

  • نام منبع :
    الاعتکاف فی الکتاب و السنّه
    سایر پدیدآورندگان :
    محمد محمدی ری شهری
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1396
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11491
صفحه از 204
پرینت  ارسال به