165
الاعتکاف فی الکتاب و السنّه

مُقِرّاً لَهُ بِالعُبودِيَّةِ [بالوحدانيّةِ] خاشِعاً، مُعتَرِفاً لَهُ بِالوَاحدانِيَّةِ طائِعاً، مُستَجيباً لِدَعوَتِهِ خاضِعاً، مُتَضَرِّعاً لِمَشِيَّتِهِ مُتَواضِعاً، لَهُ المُلكُ الَّذي لا نَفادَ لِدَيمومِيَّتِهِ، ولاَ انقِضاءَ لِعِدَّتِهِ.
وأَشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ الكَريمُ، ورَسولُهُ الطّاهِرُ المَعصومُ، بَعَثَهُ وَالنّاسُ في غَمرَةِ الضَّلالَةِ ساهونَ، وفي غِرَّةِ الجَهالَةِ لاهونَ، لا يَقولونَ صِدقاً، ولا يَستَعمِلونَ حَقّاً، قَدِ اكتَنَفَتهُمُ القَسوَةُ، وحَقَّت عَلَيهِمُ الشِّقوَةُ، إلّا مَن أحَبَّ اللَّهُ إنقاذَهُ، ورَحِمَهُ وأَعانَهُ، فَقامَ مُحَمَّدٌ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ وآلِهِ فيهِم مُجِدّاً في إنذارِهِ، مُرشِداً لِأَنوارِهِ، بِعَزمٍ ثاقِبٍ، وحُكمٍ واجِبٍ، حَتّیٰ تَأَلَّقَ شِهابُ الإِيمانِ، وتَفَرَّقَ حِزبُ الشَّيطانِ، وأَعَزَّ اللَّهُ جُندَهُ، وعُبِدَ وَحدَهُ.
ثُمَّ اختارَهُ اللَّهُ فَرَفَعَهُ إلیٰ رَوحِ جَنَّتِهِ، وفَسيحِ كَرامَتِهِ، فَقَبَضَهُ تَقِيّاً زَكِيّاً راضِياً مَرضِيّاً طاهِراً نَقِيّاً، (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ)۱، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وعَلیٰ آلِهِ وأَقرَبيهِ، وذَوي رَحِمِهِ ومَواليهِ، صَلاةً جَليلَةً جَزيلَةً، مَوصولَةً مَقبولَةً، لاَ انقِطاعَ لِمَزيدِها، ولاَ اتِّضاعَ لِمَشيدِها، ولاَ امتِناعَ لِصُعودِها، [حتّیٰ] تَنتَهي إلیٰ مَقَرِّ أرواحِهِم، ومَقامِ فَلاحِهِم، فَيُضاعِفُ اللَّهُ لَهُم تَحِيّاتِها، ويُشَرِّفُ لَدَيهِم صَلَواتِها، فَتَتَلَقّاهُم مَقرونَةً بِالرَّوحِ وَالسُّرورِ، مَحفوفَةً بِالنَّضارَةِ وَالنّورِ، دائِمَةً بِلا فَناءٍ ولا فُتورٍ.
اللَّهُمَّ اجعَل أكمَلَ صَلَواتِكَ وأَشرَفَها، وأَجمَلَ تَحِيّاتِكَ وأَلطَفَها، وأَشمَلَ بَرَكاتِكَ وأَعطَفَها، وأَجَلَّ هِباتِكَ وأرأَفَها، عَلیٰ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ وأَكرَمِ الاُمِّيّينَ۲، وعَلیٰ أهلِ بَيتِهِ الأَصفِياءِ الطّاهِرينَ، وعِترَتِهِ النُّجَباءِ المُختارينَ، وشيعَتِهِ الأَوفِياءِ المُوازِرينَ، مِن أنصارِهِ وَالمُهاجِرينَ، وأَدخِلنا في شَفاعَتِهِ يَومَ الدّينِ، مَعَ مَن دَخَلَ في زُمرَتِهِ مِنَ المُوَحِّدينَ، يا أكرَمَ الأَكرَمينَ، ويا أرحَمَ الرّاحِمينَ.

1.. الأنعام: ۱۱۵.

2.. في الصحيفة السجّاديّة الجامعة: ص۴۴۶ «وأكرم المُرسَلينَ المبعوث في الاُمّيّين».


الاعتکاف فی الکتاب و السنّه
164

لا إلهَ إلّا أنتَ، عَلَيكَ أعتَمِدُ، وبِكَ أستَعينُ، وأَنتَ حَسبي، وكَفیٰ بِكَ وَكيلاً، يا مالِكَ خَزائِنِ الأَقواتِ، وفاطِرَ أصنافِ البَرِيّاتِ، وخالِقَ سَبعِ طَرائِقَ مَسلوكاتٍ مِن فَوقِ سَبعِ أرَضينَ مُذَلَّلاتٍ، العالي في وَقارِ العِزِّ وَالمَنَعَةِ، وَالدّائِمُ في كِبرِياءِ الهَيبَةِ وَالرِّفعَةِ، وَالجَوادُ بِنَيلِهِ عَلیٰ خَلقِهِ مِن سَعَةٍ، لَيسَ لَهُ حَدٌّ ولا أمَدٌ، ولا يُدرِكُهُ تَحصيلٌ ولا عَدَدٌ، ولا يُحيطُ بِوَصفِهِ أحَدٌ.
الحَمدُ لِلهِ خالِقِ أمشاجِ۱ النَّسَمِ، ومولِجِ الأَنوارِ فِي الظُّلَمِ، ومُخرِجِ المَوجودِ مِنَ العَدَمِ، وَالسّابِقِ الأَزَلِيَّةِ بِالقِدَمِ، وَالجَوادِ عَلَى الخَلقِ بِسَوابِغِ۲ النِّعَمِ، وَالعَوّادِ عَلَيهِم بِالفَضلِ وَالكَرَمِ، الَّذي لا يُعجِزُهُ كَثرَةُ الإِنفاقِ، ولا يُمسِكُ خَشيَةَ الإِملاقِ، ولا يَنقُصُهُ إدرارُ الأَرزاقِ، ولا يُدرَكُ بِأَناسِيِّ الأَحداقِ، ولا يوصَفُ بِمُضامَّةٍ ولاَ افتِراقٍ.
أحمَدُهُ عَلیٰ جَزيلِ إحسانِهِ، وأَعوذُ بِهِ مِن حُلولِ خِذلانِهِ، وأَستَهديهِ بِنورِ بُرهانِهِ، واُؤمِنُ بِهِ حَقَّ إيمانِهِ.
وأَشهَدُ أن لا إلهَ إلّاَ اللَّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، الَّذي عَمَّ الخَلائِقَ جَدواهُ۳، وتَمَّ حُكمُهُ فيمَن أضَلَّ مِنهُم وهَداهُ، وأَحاطَ عِلماً بِمَن أطاعَهُ وعَصاهُ، وَاستَولیٰ عَلَى المُلكِ بِعِزٍّ أبَدٍ فَحَواهُ، فَسَبَّحَت لَهُ السَّماواتُ وأَكنافُها، وَالأَرضُ وأَطرافُها، وَالجِبالُ وأَعرافُها۴، وَالشَّجَرُ وأَغصانُها، وَالبِحارُ وحيتانُها، وَالنُّجومُ في مَطالِعِها، وَالأَمطارُ في مَواقِعِها، ووُحوشُ الأَرضِ وسِباعُها، ومَدَدُ الأَنهارِ وأَمواجُها، وعَذبُ المِياهِ واُجاجُها۵، وهُبوبُ الرّيحِ وعَجاجُها، وكُلُّ ما وَقَعَ عَلَيهِ وَصفٌ وتَسمِيَةٌ، أو يُدرِكُهُ حَدٌّ يَحويهِ، مِمّا يُتَصَوَّرُ فِي الفِكرِ، أو يُتَمَثَّلُ بِجِسمٍ أو قَدَرٍ، أو يُنسَبُ إلیٰ عَرَضٍ أو جَوهَرٍ، مِن صَغيرٍ حَقيرٍ، أو خَطيرٍ كَبيرٍ،

1.. الأمشاجُ: أي أخلاط من الدم ـ النطفة ـ (مفردات ألفاظ القرآن: ص۷۶۹ «مشج»).

2.. في المصدر: «بسوابق»، وما اُثبت من الصحيفة السجّاديّة الجامعة: ص۴۴۴.

3.. الجدوى: العطيّة، كالجَداء (لسان العرب: ج۱۴ ص۱۳۴ «جدو»).

4.. في المصدر: «أعراقها»، وما اُثبت من بعض نسخ المصدر ومن الصحيفة السجّاديّة الجامعة: ص۴۴۵. والأعراف ـ جمع عُرف ـ: وهو كلّ عال مرتفع (لسان العرب: ج۹ ص۲۴۲ «عرف»).

5.. الاُجاج: شديد الملوحه والحرارة (مفردات ألفاظ القرآن: ص۶۴ «أجج»).

  • نام منبع :
    الاعتکاف فی الکتاب و السنّه
    سایر پدیدآورندگان :
    محمد محمدی ری شهری
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1396
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11492
صفحه از 204
پرینت  ارسال به