163
الاعتکاف فی الکتاب و السنّه

ساحَتُهُ، عَلیٰ غَيرِ مِهادٍ ولا وِسادٍ، ولا تَقِدمَةِ زادٍ ولاَ اعتِدادٍ، فَتَدارَكْني [هُنالِكَ] بِرَحمَتِكَ الَّتي وَسِعَتِ الأَشياءَ أكنافُها، وجَمَعَتِ الأَحياءَ أطرافُها، وعَمَّتِ البَرايا ألطافُها، وعُد عَلَيَّ بِعَفوِكَ يا كَريمُ، ولا تُؤاخِذني بِجَهلي يا رَحيمُ.
اللَّهُمَّ ارحَم مَنِ اكتَنَفَتهُ سَيِّئاتُهُ، وأَحاطَت بِهِ خَطيئاتُهُ، وحَفَّت بِهِ جِناياتُهُ، بِعَفوِكَ ارحَم مَن لَيسَ لَهُ مِن عَمَلِهِ شافِعٌ، ولا يَمنَعُهُ مِن عَذابِكَ مانِعٌ، اِرحَمِ الغافِلَ عَمّا أظَلَّهُ۱، وَالذّاهِلَ عَنِ الأَمرِ الَّذي خُلِقَ لَهُ، اِرحَم مَن نَقَضَ العَهدَ وعَذَرَ۲، وعَلیٰ مَعصِيَتِكَ انطَویٰ وأَصَرَّ، وجاهَرَكَ بِجَهلِهِ ومَا استَتَرَ، اِرحَم مَن ألقیٰ عَن رَأسِهِ۳ قِناعَ الحَياءِ، وحَسَرَ عَن ذِراعَيهِ جِلبابَ الأَتقِياءِ، وَاجتَرَأَ عَلیٰ سَخَطِكَ بِارتِكابِ الفَحشاءِ، فيَا مَن لَم يَزَل عَفُوّاً غَفّاراً، ارحَم مَن لَم يَزَل مُسقَطاً عَثّاراً.
اللَّهُمَّ اغفِر لي ما مَضیٰ مِنّي، وَاختِم لي بِما تَرضیٰ بِهِ عَنّي، وَاعقِد عَزائِمي عَلیٰ تَوبَةٍ بِكَ مُتَّصِلَةٍ، ولَدَيكَ مُتَقَبَّلَةٍ، تُقيلُني بِها عَثَراتي، وتَستُرُ بِها عَوراتي، وتَرحَمُ بِها عَبَراتي، وتُجيرُني بِها إجارَةً مِن مَعاطِبِ انتِقامِكَ، وتُنيلُني بِهَا المَسَرَّةَ بِمَواهِبِ إنعامِكَ، يَومَ تَبرُزُ الأَخبارُ، وتَعظُمُ الأَخطارُ، وتُبلَى الأَسرارُ، وتُهتَكُ الأَستارُ، وتَشخَصُ القُلوبُ وَالأَبصارُ، (يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّٰلِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ ٱلدَّارِ)۴، إنَّكَ مَعدِنُ الآلاءِ وَالكَرَمِ، وصارِفُ اللَأواءِ۵ وَالنِّقَمِ.

1.. كذا في المصدر، وفي بعض النسخ والصحيفة السجّاديّة الجامعة: ص۴۴۳ «أضلّه».

2.. في الصحيفة السجّاديّة الجامعة: ص۴۴۳ «غَدَرَ».

3.. في نسخة: «وجهه»، وهو الأنسب.

4.. غافر: ۵۲.

5.. الّلأواءُ: الشدَّة وضيق المعيشة (النهاية: ج۴ ص۲۲۱ «لأو»).


الاعتکاف فی الکتاب و السنّه
162

نُفوسَنا خَوفَ المُشفِقينَ مِن سوءِ الحِسابِ، ورَجاءَ الواثِقينَ بِتَوفيرِ الثَّوابِ، فَلا نَغتَرَّ بِالإِمهالِ، ولا نُقَصِّرَ في صالِحِ الأَعمالِ، ولا نَفتُرَ مِنَ التَّسبيحِ بِحَمدِكَ فِي الغُدُوِّ وَالآصالِ.
يا مَن آنَسَ العارِفينَ بِطيبِ مُناجاتِهِ، وأَلبَسَ الخاطِئينَ ثَوبَ مُوالاتِهِ، مَتیٰ فَرِحَ مَن قَصَدَت سِواكَ هِمَّتُهُ! ومَتَى استَراحَ مَن أرادَت غَيرَكَ عَزيمَتُهُ! ومَن ذَا الَّذي قَصَدَكَ بِصِدقِ الإِرادَةِ فَلَم تُشَفِّعهُ في مُرادِهِ! أم مَن ذَا الَّذِي اعتَمَدَ عَلَيكَ في أمرِهِ فَلَم تَجُد بِإِسعادِهِ! أم مَن ذَا الَّذِي استَرشَدَكَ فَلَم تَمنُن بِإِرشادِهِ؟!
اللَّهُمَّ عَبدُكَ الضَّعيفُ الفَقيرُ، ومِسكينُكَ اللَّهيفُ المُستَجيرُ، عالِمٌ أنَّ في قَبضَتِكَ أزِمَّةَ التَّدبيرِ، ومَصادِرَ المَقاديرِ عَن إرادَتِكَ، وأَنَّكَ أقَمتَ بِقُدسِكَ حَياةَ كُلِّ شَيءٍ، وجَعَلتَهُ نَجاةً لِكُلِّ حَيٍّ، فَارزُقهُ مِن حَلاوَةِ مُصافاتِكَ ما يَصيرُ بِهِ إلیٰ مَرضاتِكَ، وهَب لَهُ مِن خُشوعِ التَّذَلُّلِ وخُضوعِ التَّقَلُّلِ في رَهبَةِ الإِخباتِ۱، وسَلامَةِ المَحيا وَالمَماتِ، ما تُحضِرُهُ كِفايَةَ المُتَوَكِّلينَ، وتُميرُهُ۲ بِهِ رِعايَةَ المَكفولينَ، وتُعيرُهُ۳ وَلايَةَ المُتَّصِلينَ المَقبولينَ.
يا مَن هُوَ أبَرُّ بي مِنَ الوالِدِ الشَّفيقِ، وأَقرَبُ إلَيَّ مِنَ الصّاحِبِ اللَّزيق۴، أنتَ مَوضِعُ اُنسي فِي الخَلوَةِ إذا أوحَشَنِي المَكانُ، ولَفَظَتنِي۵ الأَوطانُ، وفارَقَتنِي الاُلّافُ وَالجيرانُ، وَانفَرَدتُ في مَحَلٍّ ضَنكٍ، قَصيرِ السَّمكِ، ضَيِّقِ الضَّريحِ، مُطبَقِ الصَّفيحِ، مَهولٍ مَنظَرُهُ، ثَقيلٍ مَدَرُهُ، مُخَلّاةٍ بِالوَحشَةِ عَرصَتُهُ، مُغَشّاةٍ بِالظُّلمَةِ

1.. الإخباتُ: الخُشوعُ والتواضِعُ (مجمع البحرين: ج۱ ص۴۸۸ «خبت»).

2.. في المصدر: «وتُمَيِّزُهُ»، وما أثبتناه من الصحیفة السجادیة الجامعة: ص۴۴۲. يقال: فلان يمير أهله: إذا حمل إليهم أقواتهم من غير بلدهم (مجمع البحرين: ج۳ ص۱۷۳۷ «مير»).

3.. في المصدر: «وتُعِزُّهُ» وما أثبتناه من الصحيفة السجّاديّة الجامعة: ص۴۴۲.

4.. فلان بلزقي وبلصقي ولزيق: أي بجنبي (مجمع البحرين: ج۵ ص۲۳۲ «لزق»).

5.. لَفَظَهُ: رَمى بهِ (المصباح المنير: ص۵۵۵ «لفظ»).

  • نام منبع :
    الاعتکاف فی الکتاب و السنّه
    سایر پدیدآورندگان :
    محمد محمدی ری شهری
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1396
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11494
صفحه از 204
پرینت  ارسال به