ثُمَّ بَكیٰ وقالَ:
وعِزَّتِكَ وجَلالِكَ! ما أرَدتُ بِمَعصِيَتي مُخالَفَتَكَ، وما عَصَيتُكَ إذ عَصَيتُكَ وأَنَا بِكَ شاكٌّ، ولا بِنَكالِكَ جاهِلٌ، ولا لِعُقوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ، ولٰكِن سَوَّلَت لي نَفسي، وأَعانَني عَلیٰ ذٰلِكَ سَترُكَ المُرخیٰ بِهِ عَلَيَّ، فَأَنَا الآنَ مِن عَذابِكَ مَن يَستَنقِذُني؟ وبِحَبلِ مَن أعتَصِمُ إن قَطَعتَ حَبلَكَ عَنّي؟ فَوا سَوأَتاه غَداً مِنَ الوُقوفِ بَينَ يَدَيكَ إذا قيلَ لِلمُخِفّينَ: جوزوا، ولِلمُثقِلينَ: حُطّوا، أمَعَ المُخِفّينَ أجوزُ، أم مَعَ المُثقِلينَ أحُطُّ؟! وَيلي! كُلَّما طالَ عُمُري كَثُرَت خَطايايَ ولَم أتُب، أما آنَ لي أن أستَحِيَ مِن رَبّي؟!.
ثُمَّ بَكیٰ، ثُمَّ أنشَأَ يَقولُ:
أتُحرِقُني بِالنّارِ يا غايَةَ المُنیٰ | | فَأَينَ رَجائي ثُمَّ أينَ مَحَبَّتي |
أتَيتُ بِأَعمالٍ قِباحٍ رَدِيَّةٍ | | وما فِي الوَریٰ خَلقٌ جَنیٰ كِجِنايَتي |
ثُمَّ بَكیٰ وقالَ:
سُبحانَكَ! تُعصیٰ كَأَ نَّكَ لا تَریٰ، وتَحلُمُ كَأَنَّكَ لَم تُعصَ، تَتَوَدَّدُ إلیٰ خَلقِكَ بِحُسنِ الصَّنيعِ كَأَنَّ بِكَ الحاجَةَ إلَيهِم، وأَنتَ يا سَيِّدِي الغَنِيُّ عَنهُم.
ثُمَّ خَرَّ إلَى الأَرضِ ساجِداً.
۱۳۵۵.الإمام زين العابدين علیه السلامـــ فِي المُناجاةِ المَعروفَةِ بِمُناجاةِ الرّاجينَ ـــ:
بِسمِ اللّهِ الرَّحمٰنِ الرَّحيمِ، يا مَن إذا سَأَلَهُ عَبدٌ أعطاهُ، وإذا أمَّلَ ما عِندَهُ بَلَّغَهُ مُناهُ، وإذا أقبَلَ عَلَيهِ قَرَّبَهُ وأَدناهُ، وإذا جاهَرَهُ بِالعِصيانِ سَتَرَ عَلَيهِ وغَطّاهُ، وإذا تَوَكَّلَ عَلَيهِ أحسَبَهُ وكَفاهُ.