445
مختصر تفسير القمّي

والطيور والوحوش، وخرج سليمان في طلب الخاتم فلم يجده، فهرب ومرّ على ساحل البحر، وأنكرت بنو إسرائيل الشيطان الذي تصوّر في صورة سليمان، وصاروا إلى اُمّه، فقالوا لها، أ تنكرين من سليمان شيئا؟
فقالت: كان أبرّ الناس بي، وهو اليوم يبغضني!
وصاروا إلى جواريه ونسائه، فقالوا: أ تنكرن من سليمان شيئاً؟
قلن: كان لم يكن يأتينا في الحيض، وهو الآن يأتينا في الحيض!
فلمّا خاف الشيطان أن يفطنوا به ألقى الخاتم في البحر، فبعث اللَّه سمكة فالتقمته، وهرب الشيطان، فبقي بنو إسرائيل يطلبون سليمان أربعين يوماً، وكان سليمان يمرّ على ساحل البحر، يبكي ويستغفر اللَّه، تائباً إلى اللَّه ممّا كان منه، فلمّا كان بعد أربعين يوماً مرّ بصيّاد يصيد السمك، فقال له: أعينك على أن تعطيني من السمك شيئاً؟
قال: نعم. فأعانه سليمان، فلمّا اصطاد دفع إلى سليمان سمكة، فأخذها، فشقّ بطنها، وذهب يغسلها، فوجد الخاتم في بطنها، فلبسه، فخرّت عليه الشياطين والجنّ والإنس والطير والوحش، ورجع إلى ما كان. وطلب ذلك الشيطان وجنوده الذين كانوا معه، فقيّدهم، وحبس بعضهم في جوف الماء، وبعضهم في جوف الصخر بأسماء اللَّه، فهم محبوسون معذّبون إلى يوم القيامة.
قال: ولمّا رجع سليمان إلى ملكه قال لآصف بن برخيا - وكان آصف كاتب سليمان، وهو الذي كان عنده علم من الكتاب - : قد عذرت الناس بجهالتهم، فكيف أعذرك؟
فقال آصف: قد واللَّه عرفت اليوم الذي يذهب فيه ملكك، واليوم الذي يردّ إليك فيه، وعرفت السمكة وعمّتها وخالتها ۱ » . ۲

1.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۶۵۷ - ۶۵۸، عن تفسير القمّي .

2.العبارة في الأصل هكذا: «قال: لا تعذرني، فقد عرفت الشيطان الذي أخذ خاتمك وأباه وأمّه وعمّه وخاله. ولقد قال لي: اكتب لي. فقلت له: إن قلمي لا يجري بالجور. فقال: اجلس، ولا تكتب. فكنت أجلس ولا أكتب شيئاً، ولكن أخبرني عنك يا سليمان، صرت تحبّ الهدهد وهو أخسّ الطير منبتاً، وأنتنهنّ ريحاً. قال: إنّه يبصر الماء من وراء الصفا الأصم. قال: وكيف يبصر الماء من وراء الصفا وإنّما يوارى عنه الفخّ بكف من تراب حتّى يؤخذ بعنقه؟ فقال سليمان: قف يا وقّاف، إنّه إذا جاء القدر حال دون البصر» .


مختصر تفسير القمّي
444

كُرْسِيِّهِ جَسَداً»...الآية . ۱
أقول: كلّ هذا سوء أدب وسرد للروايات الفاسدة في حقّ الأنبياء المعصومين، وكلّ ما ذكره لم يكن وقع منه شي‏ء، ولا في لفظ الآية ما يدلّ على شي‏ء منه، فليتأمّل ؛ فإنّه ما يقول هذا الكلام إلّا الحشوية والمغفّلة الذين لا يعرفون حقّ الأنبياء، والذين يقدّرون عليهم الخطأ والقبائح. وأمّا الإمامية فإنّهم أقاموا الدلائل على أنّهم معصومون من الكبائر والصغائر، عمداً وسهواً، قبل النبوّة وبعدها؛ لأنّ ذلك ينكر عليهم، وما يقول هذه الكفريات والمحرّمات إلّا من لا يعرف حقّ الأنبياء، فكيف وهم خلاصة اللَّه من خلقه، وأنّهم أشرف من الملائكة. ومن أراد تحقيق مثل هذه الآيات ونحوها، فعليه بكتابنا المسمّى بالوجيز في تفسير الكتاب العزيز، فإنّه غاية في ذلك.
[ ۳۶ ] قوله: «رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ» أي: ليّنة، و «أَصَابَ»: أراد. ۲
[ ۳۸ ] قوله: «مُقَرَّنِينَ فِى الأَصْفَادِ» أي: مقيّدين في الأغلال، وهم الذين عصوا سليمان حين سلبه اللَّه ملكه .
وروي عن أبي عبد اللَّه الصادق عليه السلام، أنّه قال: «جعل اللَّه عزّ وجلّ ملك سليمان في خاتمه، فكان إذا لبسه حضرته الجنّ والإنس والشياطين [وجميع الطير والوحوش‏] ۳ وأطاعوه، وكذلك جميع الحيوانات ۴ ، فلمّا مسح أعناق الخيل وسوقها بالسيف سلبه اللَّه ملكه. وكان إذا دخل الخلاء دفع خاتمه إلى بعض من كان على خدمته، فجاء شيطان فخدع الخادم، وأخذ منه الخاتم ولبسه، فحشرت عليه الشياطين و الإنس والجنّ

1.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۶۵۵ - ۶۵۶، عن تفسير القمّي. وللتفسير الصحيح راجع تنزيه الأنبياء، ص ۱۳۶ - ۱۳۸.

2.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۶۵۷ - ۶۵۸، عن تفسير القمّي .

3.ما بين المعقوفتين من الأصل.

4.في الأصل زيادة: «فيقعد على كرسيّه، ويبعث اللَّه ريحاً تحمل الكرسي بجميع ما عليه من الشياطين و الطير والإنس والدواب والخيل، فتمرّ بها في الهواء إلى‏ موضع يريده سليمان عليه السلام، وكان يصلّي الغداة بالشام، ويصلّي الظهر بفارس، كان يأمر الشياطين أن تحمل الحجارة من فارس يبيعونها بالشام.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 85368
صفحه از 611
پرینت  ارسال به