فأوحى اللَّه عزّ وجلّ إليه: يا داود، بيّن له ما كان منك.
فناداه داود عليه السلام، فأجابه في الثالثة، فقال: يا أوريا، فعلت كذا وكذا، وكيت وكيت.
فقال أوريا: أ يفعل الأنبياء مثل هذا؟
فقال: لا، ثمّ ناداه ۱ فلم يجبه، فوقع داود على الأرض باكياً، فأوحى اللَّه إلى صاحب الفردوس أن يريه الفردوس ليكشف عنه ۲ ، فكشف عنه، فقال اُوريا: لمن هذا؟
فقال: لمن غفر لداود خطيئته.
فقال: يا ربّ، قد وهبت له خطيئته.
فرجع داود عليه السلام إلى بني إسرائيل، وكان إذا صلّى يقوم وزيره يحمد اللَّه ويثني على الأنبياء عليهم السلام، ثمّ يقول: كان من فضل نبيّ اللَّه داود قبل الخطيئة كيت وكيت. فاغتمّ داود عليه السلام، فأوحى اللَّه عزّ وجلّ إليه: يا داود، إنّي قد غفرت لك ووهبت لك خطيئتك، وألزمت عار ذنبك بني إسرائيل.
فقال: وكيف، وأنت الحكم العدل الذي لا يجور؟
قال: لأنّه لم يعاجلوك بالنكير» . ۳
أقول: هذا الذي ذكره ليس رأي الإماميّة. وفي ذلك سؤال آخر، وهو أنّ الملائكة لا تكذب، فكيف قالوا: (خصمان) إلى آخر الآية؟ والجواب عما ذكر، وعن هذا السؤال أيضاً، نقول: إنّ الآية لا دلالة فيها على شيء من وقوع الخطأمن داود، فأمّا ما يذكره المفسّرون وذكره عليّ بن أبراهيم فباطل؛ لتضمّنه خلاف ما يقتضيه العقل في الأنبياء عليهم السلام. ۴
1.كذا في «ب» و «ج». و في «أ»: «فناداه».
2.في «ب» و «ج»: «فقال داود: يا أوريا، اغفر لي، وهب لي خطيئتي. قال: فقال: قد غفرت لك، فأوحى اللَّه عزّ وجلّ إليه: يا داود، بيّن له ما كان منك. فناداه داود عليه السلام، فأجابه في الثالثة، فقال: يا أوريا، فعلت كذا وكذا، وكيت وكيت. فقال أوريا: هل تفعل الأنبياء مثل هذا؟».
3.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۶۴۸، عن تفسير القمّي. وروى معناه ابن بابويه في عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج ۱، ص ۱۹۱، ح ۱.
4.اعلم أنّ هذه الرواية مما أجمعت الإماميّة على خلافه، فإنّهم اتّفقوا على عصمة الأنبياء من كلّ قبيح وفاحشة، وقد وردت في روايات اُخر على اختلاف ما ورد في المتن، منها: ما رواه الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج ۱، ص ۱۹۱، ح۱ وقد فنّد الإمام فيها الشبه المثارة حول عصمة و جملة من الأنبياء بأتقن بيان. هذا و قد أجاب السيّد المرتضى في تنزيه الأنبياء على ما تشير إليه هذه الرواية، فأثبت بطلانها وبرهن على عصمة الأنبياء بكلام وافٍ شاف فراجع: تنزيه الأنبياء عليهم السلام، ص ۱۲۶ - ۱۳۲.