415
مختصر تفسير القمّي

[ ۴۵ ] قوله: «يَأَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً ومُبَشِّراً ونَذِيراً»...الآية، نزلت بمكّة قبل مهاجرة رسول اللَّه إلى المدينة بخمس سنين، وقد كتبت في خبر الأحزاب، وحرب الأحزاب كانت في سنة خمس للهجرة، فهذا دليل على انّ القرآن مؤلّف على خلاف ما أنزل اللَّه تعالى، مؤخّراً مقدّماً . ۱
أقول: وهذه الآية منسوخة بآية السيف ۲ ، وذكر بعض العامّة أنّ هذه الآية نزلت بالمدينة، لا بمكّة؛ لأنّه قال: «وَ لَا تُطِعِ الْكَفِرِينَ وَ الْمُنَفِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ» ۳والمنافقون إنّما كانوا بالمدينة لا بمكّة. وغلطوا في ذلك غلطاً بيّناً؛ لأنّ اللَّه تعالى يقول في سورة الأنفال: «إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ والَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ» ۴، نزلت في حرب بدر، في خمسة نفر من قريش، جاؤوا من مكّة إلى الحرب وقد كانوا أظهروا الإسلام، منهم: قيس بن الفاكهة وأبوه ۵ ، والحرث بن زمعة ۶ ، وعليّ بن اُميّة بن خلف، والعاص بن منبه ۷ ، وقد كانوا أظهروا الإسلام لرسول اللَّه بمكّة، وكانوا منافقين، فجاؤوا مع قريش لحرب بدر، فلمّا نظروا إلى قلّة أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، قالوا: مساكين هؤلاء، غرّ هؤلاء محمّد، فحكى اللَّه ذلك فقال: «إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ والَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ»...الآيات.
[ ۵۰ ] قوله: «وإمْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِىِّ»...الآية، فإنّه كان سبب نزولها: أنّ امرأة من الأنصار أتت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، وقد تهيّأت وتزيّنت وتطيّبت وجاءت إلى رسول اللَّه، فقالت: يا رسول اللَّه، هل لك فيّ حاجة، فقد وهبت نفسي لك؟
فقالت لها عائشة: قبّحك اللَّه، ما أنهمك للرجال؟!
فقال لها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «مه يا عائشة، فإنّها رغبت في رسول اللَّه إذ زهدتنّ فيه».
ثمّ قال: «رحمكِ اللَّه، ورحمكم يا معاشر الأنصار، تنصرني رجالكم، وترغب فيّ

1.روى معناه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۴۷۷، عن تفسير القمّي.

2.وهي الآية (۵) من سورة التوبة رقم (۹).

3.الأحزاب (۳۳): ۴۸.

4.الأنفال (۸): ۴۹.

5.تقدّم في أوّل سورة الأنفال باسم «قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو قيس بن الفاكه».

6.تقدّم في أوّل سورة الأنفال باسم «الحارث بن ربيعة».

7.تقدّم في أوّل سورة الأنفال باسم «العاص بن المنبه بن الحجاج».


مختصر تفسير القمّي
414

[ ۳۵ ] ثمّ عطف على أهل بيت النبي عليهم السلام أيضاً من مخاطبة نسائه، فقال: «إِنَّ الْمُسْلِمِينَ»...الآية، وهي جارية في جميع الناس . ۱
وهذا دليل على أنّ القرآن منقطع معطوف.
[ ۳۶ ] قوله: «وما كانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ»...الآية، نزلت في ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ۲ ، خطبها رجل من بني قريظة ممّن كان قد أسلم، فبعث إليها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أمير المؤمنين يشاورها، فقال لها أمير المؤمنين: إن لم تجيبي إلى ذاك لم يكرهك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، قالت: فإنّي لا اُجيب، فرجع إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فأخبره، فعلم أنّ الفساد من قِبَلِه، قال: يا عليّ ارجع فأصلح ما أفسدت، فنزلت. ۳
أقول: في هذا الكلام نظر؛ فإنّ عليّاً لم يقع منه فساد قطّ، لعصمته، وهذا يخالف إجماع الاماميّة، فلا يسمع، بل يُرَدّ، ويستغفر قائله اللَّه. وقد روي أنّ هذه القصّة كانت مع زينب بنت جحش وزيد بن حارثة وأخوها عبد اللَّه، لمّا أمرها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أن تتزوّج بزيد، وأبي أخوها عبد اللَّه، وقد أجمع المفسّرون على ذلك ۴ ، فالنقل مردود، والراوي متوهّم.
[ ۴۳ ] قوله: «لِيُخْرِجَكُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ» قال: «إنّما نزلت: (ليخرج بكم من الظلمات إلى النور)». ۵

1.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۴۷۰، عن تفسير القمّي.

2.ضباعة: بضم الضاد والمعجمة كما في القاموس واللسان كثمامة، وهي ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب القرشية الهاشمية، ابنة عم النبي صلّى اللَّه عليه وآله، زوجها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله المقداد بن عمرو، وأطعمها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله من خيبر أربعين وسقا، روت عن النبي صلّى اللَّه عليه وآله أحد عشر حديثا، نص عليه ابن سعد في الطبقات وابن هشام. راجع: الطبقات، ج ۸، ص ۳۱؛ وأسد الغابة، ج ۵، ص ۴۹۵؛ والإصابة، ج ۴، ص ۳۵۲؛ والاستيعاب، هامش؛ الإصابة، ج ۴، ص ۳۵۲.

3.لم نقف على هذه الرواية في الأصل، ولعلّها كانت في نسخة ابن العتائقي من التفسير .

4.راجع: بحار الأنوار، ج ۲۲، ص ۱۷۷ - ۱۸۰. وقد تقدّم بعض ما يرتبط بهذا المعنى في تفسير الآية (۵) من هذه السورة، فراجع.

5.هذه أيضاً قراءة خاصّة عند أهل البيت عليهم السلام.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 86824
صفحه از 611
پرینت  ارسال به