من والاه، وعاد من عاداه، واُنصر من نصره، واخذل من خذله».
وقال في مقام آخر: «أنا أولى بكلّ مؤمن من نفسه، و عليّ أولى بهم من بعدي. فأنتم - واللَّه - أهل النعمة الظاهرة والباطنة. إنّ مودّتنا وولايتنا مفترضة» ۱ .
ثمّ أكرم اللَّه نبيّه بذلك فقال: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً» يعني: أجر النبوّة «إِلّا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبى»، وهو قوله: «من منع أجيراً أجره فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين، ولا يقبل اللَّه منه صرفاً ولاعدلاً، يعني أجر النبوّة، فإنّ اللَّه أخبر عن سائر الأنبياء أنّه قال لهم: قولوا للاُمم: «فَمَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ» ۲، وجعل أجر نبيّنا على اللَّه ثمّ على أمته فرضاً، وهي المودّة، فاعتقد قوم - واللَّه - هذه النعمة ظاهرة وباطنة، واعتقدها قوم ظاهرة ولم يعتقدوها باطنة، فأنزل اللَّه تعالى: «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْك الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِى الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ ولَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ»، ففرح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله عند نزولها، إذ لم يتقبّل اللَّه تعالى إيمانهم إلّا بعقد ولايتنا ومحبتنا » . ۳
ثمّ أمره اللَّه بالهجرة، وكان رضاه فيما أمره به الآية، إلّا أنّه كان يعظم عليه ترك قريش على حالهم وكفرهم من غير أن ينتقم منهم، فأنزل اللَّه عليه: «فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ» ۴يا محمّد من مكّة إلى المدينة فإنّا رادّوك إليها، ومنتقمون لك بعلي بن أبي طالب وصاحبيه: جيرئيل وميكائيل .
ثمّ نزل: «وَ يَسْتَنبُِونَكَ» يامحمّد، أهل مكّة في عليّ «أَحَقٌّ هُوَ» أي: إمام؟ «قُلْ إِى وَ رَبِّى إِنَّهُ لَحَقٌّ ويستفتونك»». ۵
ثمّ قال: «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجى، ومن تخلّف عنها غرق وهلك». ۶
1.في «ب» و «ج»: «مفروضة».
2.يونس (۱۰): ۷۲. والعبارة وردت في «ب» هكذا: «أنّه قال لهم: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً»».
3.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۳۷۵ - ۳۷۶، عن تفسير القمّي.
4.الزخرف (۴۳): ۴۱.
5.يونس (۱۰): ۵۳.
6.بصائر الدرجات، ص ۲۹۷، ح ۴؛ رجال الكشّي، ص ۲۶، ح ۵۲؛ الأمالي للصدوق، ص ۲۶۹، المجلس ۴۵، ح ۱۸؛ الأمالي للطوسي، ص ۶۰، المجلس ۲، ح ۵۷؛ و ص ۳۴۹، المجلس ۱۲، ح ۶۱؛ وص ۷۳۳، المجلس ۴۵، ح ۲؛ المستدرك للحاكم، ج ۲، ص ۳۴۳؛ مجمع الزوائد، ج ۹، ص ۱۶۸؛ المعجم الأوسط للطبراني، ج ۴، ص ۱۰.