387
مختصر تفسير القمّي

من والاه، وعاد من عاداه، واُنصر من نصره، واخذل من خذله».
وقال في مقام آخر: «أنا أولى بكلّ مؤمن من نفسه، و عليّ أولى بهم من بعدي. فأنتم - واللَّه - أهل النعمة الظاهرة والباطنة. إنّ مودّتنا وولايتنا مفترضة» ۱ .
ثمّ أكرم اللَّه نبيّه بذلك فقال: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً» يعني: أجر النبوّة «إِلّا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبى‏»، وهو قوله: «من منع أجيراً أجره فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين، ولا يقبل اللَّه منه صرفاً ولاعدلاً، يعني أجر النبوّة، فإنّ اللَّه أخبر عن سائر الأنبياء أنّه قال لهم: قولوا للاُمم: «فَمَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ» ۲، وجعل أجر نبيّنا على اللَّه ثمّ على أمته فرضاً، وهي المودّة، فاعتقد قوم - واللَّه - هذه النعمة ظاهرة وباطنة، واعتقدها قوم ظاهرة ولم يعتقدوها باطنة، فأنزل اللَّه تعالى: «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْك الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِى الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ ولَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ»، ففرح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله عند نزولها، إذ لم يتقبّل اللَّه تعالى إيمانهم إلّا بعقد ولايتنا ومحبتنا » . ۳
ثمّ أمره اللَّه بالهجرة، وكان رضاه فيما أمره به الآية، إلّا أنّه كان يعظم عليه ترك قريش على حالهم وكفرهم من غير أن ينتقم منهم، فأنزل اللَّه عليه: «فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ» ۴يا محمّد من مكّة إلى المدينة فإنّا رادّوك إليها، ومنتقمون لك بعلي بن أبي طالب وصاحبيه: جيرئيل وميكائيل .
ثمّ نزل: «وَ يَسْتَنبُِونَكَ» يامحمّد، أهل مكّة في عليّ «أَحَقٌّ هُوَ» أي: إمام؟ «قُلْ إِى وَ رَبِّى إِنَّهُ لَحَقٌّ ويستفتونك»». ۵
ثمّ قال: «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجى، ومن تخلّف عنها غرق وهلك». ۶

1.في «ب» و «ج»: «مفروضة».

2.يونس (۱۰): ۷۲. والعبارة وردت في «ب» هكذا: «أنّه قال لهم: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً»».

3.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۳۷۵ - ۳۷۶، عن تفسير القمّي.

4.الزخرف (۴۳): ۴۱.

5.يونس (۱۰): ۵۳.

6.بصائر الدرجات، ص ۲۹۷، ح ۴؛ رجال الكشّي، ص ۲۶، ح ۵۲؛ الأمالي للصدوق، ص ۲۶۹، المجلس ۴۵، ح ۱۸؛ الأمالي للطوسي، ص ۶۰، المجلس ۲، ح ۵۷؛ و ص ۳۴۹، المجلس ۱۲، ح ۶۱؛ وص ۷۳۳، المجلس ۴۵، ح ۲؛ المستدرك للحاكم، ج ۲، ص ۳۴۳؛ مجمع الزوائد، ج ۹، ص ۱۶۸؛ المعجم الأوسط للطبراني، ج ۴، ص ۱۰.


مختصر تفسير القمّي
386

أقول: سياق الكلام وما في الآية لا يدلّ على ذلك. ۱
[ ۲۰ ] قوله: «أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَا فِى السَّماوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً»، عن جابر، قال: قرأ رجل عند أبي جعفر عليه السلام: «وأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وباطِنَةً»، فقال: «هذه قراءة العامّة، وأمّا نحن فنقرأ: (وأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعمَةً ظاهِرَةً وباطِنَةً)، فأمّا النعمة الظاهرة: فالنبيّ صلى اللَّه عليه وآله، وما جاء به من معرفة اللَّه عزّ وجلّ وتوحيده، وأمّا النعمة الباطنة: فولايتنا أهل البيت، وعقد مودّتنا» . ۲
وقد خطب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فنعس نعسة، فرأى على منبره رجالاً من بني اُميّة كالقرود، فساءه ذلك، فأنزل اللَّه: «إِنَّا انزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَ لْفِ شَهْرٍ» ۳تملكها بني اُميّة ليس فيها ليلة القدر، فعلم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أنّ بني اُميّة ستملك هذه الاُمّة، وأن ذريّته لن يؤتوا إلّا من قبلهم ۴ .
واعتقدت بنو اُميّة بغضنا وترك ولايتنا، فأطلع اللَّه رسوله صلى اللَّه عليه وآله على اعتقادهم، فساءه ذلك، فأنزل اللَّه: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً» ۵يعني: بدّلوا بالمحبّة والولاية بغضاً، فحكم اللَّه عليهم بذلك البغض كفراً «وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ» ۶فقل لهم يا محمّد: «تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ» ۷.
وقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «إنّ حبّنا إيمان، وبغضنا نفاق».
ثمّ أمر نبيّه أن يخبر بذلك قومه، ويدعوهم إلى الولاية والنعمة الباطنة علانية، كما دعاهم إلى النعمة الظاهرة، فأنزل اللَّه: «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ»... الآية، فدعا أمير المؤمنين وجمع له الناس فقال: «أيّها الناس، من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهم وال

1.لم يذكر المؤلّف تفسير الآيات ۱۵ - ۱۹، فراجع الأصل.

2.رواه البحراني في البرهان، ج ۴، ص ۳۷۵ - ۳۷۶، عن تفسير القمّي. وروى معناه في كمال الدين، ص ۳۶۸، ح ۶.

3.القدر (۹۷): ۱ - ۳.

4.في «ب» و «ج»: «لن يموتوا إلّا من قتلهم». وروى معناه العلّامة المجلسي في بحار الأنوار، ج ۱۸، ص ۱۲۷.

5.إبراهيم (۱۴): ص ۲۸.

6.إبراهيم (۱۴): ۲۸.

7.إبراهيم (۱۴): ۳۰.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 85322
صفحه از 611
پرینت  ارسال به