عليها، فلمّا ذهب نحو النار يقتبس منها أهوت إليه، ففزع منها وعدا، ورجعت النار إلى الشجرة، فالتفت إليها وقد رجعت إلى مكانها، فرجع الثانية ليقتبس، فأهوت إليه، فعدا وتركها، ثمّ التفت إليها وقد رجعت إلى الشجرة، فرجع إليها ثالثة، فأهوت إليه، فعدا «ولَمْ يُعَقِّبْ» أي: لم يرجع، فناداه اللَّه: «أَنْ يا مُوسى إِنِّى أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ».
قال موسى: فما الدليل على ذلك؟ قال اللَّه: ما في يمينك يا موسى؟ قال: هي عصاي.
قال: «أَلْقِها يا مُوسى» فألقاها، فصارت حيّة تسعى، ففزع منها موسى عليه السلام، وعدا، فناداه اللَّه: «أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ اسْلُكْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ» ۱أي: من غير علّة، وذلك أنّ موسى عليه السلام كان شديد السمرة، فأخرج يده من جيبه، فأضاءت له الدنيا [فقال اللَّه عزّ وجلّ: «فَذانِك بُرْهانانِ مِنْ رَبِّك إِلى فِرْعَوْنَ ومَلائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ»...الآيات ]» ۲ . ۳
[ ۳۸ ] قوله: «فَأَوْقِدْ لِى يَا هامَانُ»... الآية، فإنّ هامان بنى له في الهواء صرحاً، حتّى بلغ مكاناً في الهواء لا يتمكّن الإنسان أن يقوم عليه من الرياح القائمة في الهواء، فقال لفرعون: لا نقدر أن نزيد على هذا. فبعث اللَّه رياحاً، فرمت به، فاتّخذ فرعون وهامان عند ذلك التابوت، وعمدا إلى أربعة أنسر، فأخذا أفراخها وربياها، حتّى إذا بلغت القوّة وكبرت، عمدا إلى جوانب التابوت الأربعة، فغرسا في كلّ جانب منه خشبة، وجعلا على رأس كلّ خشبة لحماً، وجوّعا الأنسر، وشدّا أرجلها بأصل الخشبة، فنظرت الأنسر إلى اللحم، فأهوت إليه، وصفقت بأجنحتها، وارتفعت بهما في الهواء، وأقبلت تطير يومها، فقال فرعون لهامان: اُنظر إلى السماء، هل بلغناها؟
فنظر هامان، فقال: أرى السماء كما كنت أراها من الأرض في البعد.
فقال: انظر إلى الأرض. فقال: لا أرى الأرض، ولكنّي أرى البحار والماء.
قال: فلم تزل الأنسر ترتفع حتّى غابت الشمس، وغابت عنهم البحار والماء، فقال