«رَبِّ إِنِّى لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَىَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ»، واللَّه ما سأل اللَّه إلّا خبزاً يأكل، لأنّه كان يأكل بقلة الأرض، ولقد رأوا خضرة البقل في صفاق بطنه، من هزاله». ۱
فلمّا رجعت بنتا شعيب إلى شعيب، قال لهما: أسرعتما الرجوع! فأخبرتاه بقصّة موسى عليه السلام، ولم تعرفاه، فقال شعيب لواحدة منهما: إذهبي إليه، فادعيه لنجزيه أجر ما سقى لنا. فجاءت إليه، كما حكى اللَّه تعالى: «تَمْشِى عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوك لِيَجْزِيَك أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا» ۲، فقام موسى معها، ومشت أمامه، فصفقتها ۳ الريح، فبان عجزها، فقال لها موسى: تأخّري، ودلّيني على الطريق بحصاة تلقينها أمامي أتبعها، فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء.
فلمّا دخل على شعيب، قصّ عليه قصّته، فقال له شعيب: «لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ».
قالت إحدى بنات شعيب: «يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِىُّ الأَمِينُ». فقال لها شعيب: أمّا قوّته، فقد عرفته بسقي الدلو وحده، فبم عرفت أمانته؟ فقالت له: إنّه لمّا قال لي: تأخّري عنّي ودلّيني على الطريق فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء، عرفت أنّه من القوم الذين لا ينظرون أعجاز النساء، فهذه أمانته.
فقال له شعيب: «إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَك إِحْدَى ابْنَتَىَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِى ثَمانِىَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِك وما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْك سَتَجِدُنِى إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ».
فقال له موسى: «ذلِك بَيْنِى وبَيْنَك أَيَّمَا الاجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَىَّ» أي: لا سبيل علىَّ إن عملت عشر سنين، أو ثمان سنين.
فقال موسى: «واللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ».
قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام:، أيّ: الأجلين قضى؟ قال: «أتمّها عشر سنين».
قلت له: فدخل بها قبل أن يقضي الأجل، أو بعده؟ قال: «قبل».
قلت: فالرجل يتزوّج المرأة، ويشترط لأبيها إجارة شهرين مثلاً، أ يجوز ذلك؟