291
مختصر تفسير القمّي

له الخضر عليه السلام: «أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْراً» قال موسى: «لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْراً» فخرجوا من السفينة، فمرّوا، فنظر الخضر إلى غلام يلعب بين الصبيان ۱ حسن الوجه كأنّه قطعة قمر، في اُذنيه درّتان، فتأمّله الخضر، ثمّ أخذه فلوى عنقه وقتله، فوثب موسى على الخضر وجلد به الأرض فقال: «أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً» فقال الخضر: «أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْراً» ۲قال موسى: «إِنْ سَأَلْتُكَ عَن شَىْ‏ءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِى قَدْ بَلَغْتَ مِن لَدُنِّى عُذْراً فَانطَلَقَا حتَّى‏ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ» بالعشي، تسمّى: الناصرة ۳ ، وإليها ينتسب النصارى - ولم يضيّفوا أحداً قطّ ولم يطعموا غريباً، فاستطعموهم، فلم يطعموهم ولم يضيّفوهم، فنظر الخضر عليه السلام إلى حائط قد زال لينهدم، فوضع الخضر يده عليه وقال: قم بإذن اللَّه، فقام، فقال موسى: لن ينبغ لك أن تقيم الجدار حتّى يطعمونا ويؤونا، وهو قوله: «لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً» ۴ فقال له الخضر: «هذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً أَمَّا السَّفِينَةُ» ۵ التي فعلت بها ما فعلت، فإنّها كانت لقوم «مَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِى الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم» أي: وراء السفينة ۶«مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ» صالحة «غَصْباً». هكذا نزلت، وإذا كانت السفينة مكسورة أو معيوبة لم يأخذ منها شيئاً.
وأمّا الغلام الذي قتلته، فكان على جبهته مكتوب: كافر ۷«فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ»... الآية، قال العالم: «فأبدل اللَّه والديه بنتاً ۸ ولدت سبعين نبيّاً ۹ » وقال: «نزلت الآية هكذا: «وَأَمَّا

1.في «ب»: «فنظر الخضر إلى صبيان يلعبون، وفيهم غلام...».

2.راجع تفسير العيّاشي، ج ۲، ص ۳۳۵، ح ۵۳ .

3.في «ب»: «فانتهوا بالعشي إلى قرية تسمّى: الناصرة».

4.في «ب»: «فقال موسى: كان يجب أن لا ترد الجدار حتّى يطعمونا ويؤونا». وروى القصّة العيّاشي في تفسيره، ج ۲، ص ۳۳۲، ح ۴۷.

5.في «ب»: «فقال الخضر: هاهنا نفترق، واعلمك بما جرى؛ أمّا السفينة...».

6.في «ب»: «أي وراء البحر».

7.في «أ»: «طبع كافراً».

8.في «ب»: «بابنة».

9.روى الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني في الكافي، ج ۶، ص ۶، ح ۱۱، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عدّة من أصحابه، عن الحسن بن علي بن يوسف، عن الحسن بن سعيد اللخمي، قال: ولد لرجل من أصحابنا جارية، فدخل على أبي عبد اللَّه عليهم السلام فرآه متسخّطاً، فقال له أبو عبد اللَّه عليه السلام: «أ رأيت لو أن اللَّه تبارك وتعالى أوحى إليك أن أختار لك أو تختار لنفسك، ما كنت تقول؟». قال: كنت أقول: يا ربّ، تختار لي. قال: «فإن اللَّه قد اختار لك!». قال: ثمّ قال: «إنّ الغلام الذي قتله العالم الذي كان مع موسى عليه السلام وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: «فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً» أبدلهما اللَّه به بنتاً، ولدت سبعين نبيّاً». ورواه العيّاشي في تفسيره، ج ۲، ص ۳۳۷، ح ۶۰.


مختصر تفسير القمّي
290

وقال لشمعون وصيّه ۱ : إن اللَّه قد أمرني أن أتبع رجلاً عند ملتقى البحرين وأتعلّم منه. فتزوّد شمعون ۲ حوتاً مملوحاً وخرجا، فلمّا خرجا وبلغا ذلك المكان وجدا رجلاً مستلقياً على قفاه، فلم يعرفاه، فأخرج وصي موسى الحوت وغسله بالماء ووضعه على الصخرة، ومضيا ونسيا الحوت، وكان ذلك الماء ماء الحيوان، فحيي الحوت ودخل الماء، فمضى موسى عليه السلام وشمعون ۳ معه حتّى عييا ۴ ، فقال لوصيّه: «آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً» أي: عناءً، ۵ فذكر شمعون ۶ السمكة، فقال لموسى عليه السلام: إنّي نسيت الحوت على الصخرة. فقال موسى: ذلك الرجل الذي رأيناه عند الصخرة هو الذي نريده، فرجعا على آثارهما قصصاً إلى الرجل وهو الخضر عليه السلام، وهو في الصلاة، فقعد موسى عليه السلام حتّى فرغ ۷ من صلاته فسلّم عليهما. قال موسى: السلام عليك يا عالم بني إسرائيل، فقال الخضر: السلام عليك يا نبيّ بني إسرائيل.
أقول: انّه لم يكن من بني إسرائيل، ولا كان من اُمّة موسى، وإلّا فيكون المأموم أفضل من الإمام، وتقديمه قبيح، وأيضاً: يكون في اُمّته أفضل منه، وهو قبيح أيضاً.
فقال له موسى: «هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى‏ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً» فقال الخضر: «إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى‏ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً» ۸فقال موسى عليه السلام: «سَتَجِدُنِى إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِى لَكَ أَمْراً» قال الخضر: «فَإِنِ اتَّبَعْتَنِى فَلاَ تَسْأَلْنِى عَن شَىْ‏ءٍ حَتَّى‏ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً» يقول: لا تسألني عن شي‏ء أفعله، ولا تنكره عليّ حتّى أنا اُخبرك بخبره، قال: نعم، فمروا ثلاثتهم حتّى انتهوا إلى ساحل البحر وقد شحنت سفينة، وهي تريد أن تعبر، فقال لأرباب السفينة: تحملوا هؤلاء الثلاثة نفر؛ فإنّهم قوم صالحون، فحملوهم، فلمّا لجّت السفينة في البحر قام الخضر إلى جانب السفينة، فكسّرها وحشّاها بالخرق والطين، فغضب موسى غضباً شديداً وقال للخضر: «أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً» فقال

1.كذا في «أ» و «ب». و في «ج»: «لوصيّه يوشع بن نون». و هو الصحيح والمثبت فيما بأيدينا من نسخ الأصل.

2.كذا في «أ» و «ب». و في «ج»: «فتزوّد يوشع بن نون».

3.كذا في «أ» و «ب» وفي «ج»: «يوشع بن نون».

4.في «ط»: «عشيا». وفي «ق»: «جيعا».

5.في «ط» و «ق»: «عيّا».

6.كذا في «أ» و «ب». و في «ج»: «وصيّه».

7.في «أ» و «ب»: «فلمّا فرغ».

8.في «ب»: «فقال الخضر: إنّك وكلت بأمر لا اُطيقه، ووكلت بأمر لا تطيقه».

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 85404
صفحه از 611
پرینت  ارسال به