287
مختصر تفسير القمّي

دقيانوس شعروا بهم، فأخبرهم صاحبهم أنّهم كانوا نائمين هذا الزمن الطويل، وأنّهم آية للناس، فبكوا وسألوا اللَّه تعالى أن يعيدهم إلى مضاجعهم نائمين كما كانوا.
ثمّ قال الملك: ينبغي أن نبني هاهنا مسجداً ونزوره، فإنّ هؤلاء قوم مؤمنون.
وروي أنّ لهم ۱ في كلّ سنة نقلتان ۲ ، ينامون ستّة أشهر على جنوبهم الأيامن، وستّة أشهر على جنوبهم الأياسر، والكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف، وذلك قوله: «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْك نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ»... الآية، أي: خبرهم «إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وزِدْناهُمْ هُدىً ورَبَطْنا عَلى‏ قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ والارْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً وإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وما يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ ويُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً» إلى قوله تبارك وتعالى: «وكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ»، أي:بالفناء «لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً ولَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً وكَذلِك بَعَثْناهُمْ» أي: أنبهناهم «لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ» إلى قوله: «ولَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً وكَذلِك أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ» وهم الذين ذهبوا إلى باب الكهف «لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ» إلى قوله: «سَبْعَةٌ وثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ»، فقال اللَّه لنبيّه: «قل» لهم «رَبِّى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ».
ثمّ انقطع خبرهم بما قالوا، فقال: «فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلا مِراءً ظاهِراً» أي: لا تخاصم، «ولا تَستفت فيهم منهم أحداً» أي: لا تسأل، «ولا تَقُولَنَّ لِشَىْ‏ءٍ إِنِّى فاعِلٌ ذلِك غَداً إِلا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ» فأخبره أنّه إنّما احتبس الوحي عنه أربعين صباحاً؛ لأنّه قال لقريش: غدا أخبركم بجواب مسائلكم ولم يستثن .
ثمّ عطف على الخبر الأوّل الذي حكى عنهم أنّهم «سَيَقُولُونَ ثَلَثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ»، فقال: «ولَبِثُوا فِى كَهْفِهِمْ» وهو حكاية عنهم، وتقديره: يقولون: لبثوا في كهفهم «ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وازْدَادُوا تِسْعاً» والدليل على أنّه حكاية عنهم ولفظه لفظ الخبر، قوله: «قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا» . ۳

1.في «ط»: «ولهم».

2.في البرهان: «تقلّبان». وفي «ب»: «قلبتين».

3.رواه البحراني في البرهان، ج ۳، ص ۶۱۷ - ۶۱۹، عن تفسير القمّي. هذا، ولم يذكر المؤلّف تفسير الآيات ۲۲ - ۲۸، فراجع الأصل.


مختصر تفسير القمّي
286

يجبهم، وكان مع الراعي كلب، فأجابهم الكلب وخرج معهم».
وروي : «أنّه لا يدخل الجنّة من البهائم إلّا ثلاثة: حمارة بلعم، وكلب أصحاب الكهف، وذئب».
وقد تقدّم خبر الأتان ۱ . وأمّا الكلب فاسمه قطمير، أجاب الفتية. وأمّا الذئب؛ فإنّ بعض الملوك بعث شرطياً ليحشر قوماً من المؤمنين، ومع الشرطي ابن له يحبّه، فجاء الذئب فاحتمل ابنه، فأكله، فحزن الشرطي عليه، فأدخل اللَّه الذئب الجنّة لمّا أحزن الشرطي.
ولا يدخل الجنّة أسود، إلّا رجل بعثه المسيح إلى البربر، فأخذوه وغلوه بالزيت فصبر.
فلمّا أمسوا دخلوا ذلك الكهف والكلب معهم، فألقى اللَّه عليهم النعاس، فناموا حتّى أهلك اللَّه ذلك الملك وأهل مملكته، وذهب ذلك الزمان وجاء زمان آخر وقوم آخرون، ثمّ انتبهوا فقال بعضهم لبعض: كم نمنا ها هنا؟ فنظروا إلى الشمس قد ارتفعت، فقالوا: نمنا يوما أو بعض يوم. ثمّ قالوا لواحد منهم: خذ هذا الورق وادخل المدينة متنكّراً لا ۲ يعرفوك، فاشتر لنا طعاماً، فإنّهم إن علموا بنا وعرفونا يقتلونا أو ردّونا في دينهم، فجاء ذلك الرجل فرأى مدينة بخلاف الذي عهدها، ورأى قوماً بخلاف اُولئك، لم يعرفهم، ولم يعرفوا لغته ولم يعرف لغتهم، فقالوا له: من أنت، ومن أين جئت؟
فأخبرهم، فخرج ملك تلك المدينة مع أصحابه والرجل معهم حتّى وقفوا على باب الكهف، فدخل الرجل الكهف وأصابه النعاس حتّى سقط ونام، ولم يجسر أحد أن يدخل منهم الكهف، وأقبلوا يتطلّعون فيه ويفزعون، فقال بعضهم: هؤلاء ثلاثة ورابعهم كلبهم، وقال بعضهم: خمسة وسادسهم كلبهم، وقال بعضهم: هم سبعة وثامنهم كلبهم، وحجبهم اللَّه عزّ وجلّ بحجاب من الرعب، فلم يكن أحد يقدم بالدخول عليهم غير صاحبهم، فإنّه لمّا دخل إليهم وجدهم خائفين أن يكون أصحاب

1.في «ب»: «الأتانة». و تقدمت في تفسير الآية (۱۷) من سورة الاعراف.

2.في البرهان: «ألاّ».

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 86379
صفحه از 611
پرینت  ارسال به