دقيانوس شعروا بهم، فأخبرهم صاحبهم أنّهم كانوا نائمين هذا الزمن الطويل، وأنّهم آية للناس، فبكوا وسألوا اللَّه تعالى أن يعيدهم إلى مضاجعهم نائمين كما كانوا.
ثمّ قال الملك: ينبغي أن نبني هاهنا مسجداً ونزوره، فإنّ هؤلاء قوم مؤمنون.
وروي أنّ لهم ۱ في كلّ سنة نقلتان ۲ ، ينامون ستّة أشهر على جنوبهم الأيامن، وستّة أشهر على جنوبهم الأياسر، والكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف، وذلك قوله: «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْك نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ»... الآية، أي: خبرهم «إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وزِدْناهُمْ هُدىً ورَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ والارْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وما يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ ويُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً» إلى قوله تبارك وتعالى: «وكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ»، أي:بالفناء «لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً ولَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً وكَذلِك بَعَثْناهُمْ» أي: أنبهناهم «لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ» إلى قوله: «ولَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً وكَذلِك أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ» وهم الذين ذهبوا إلى باب الكهف «لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ» إلى قوله: «سَبْعَةٌ وثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ»، فقال اللَّه لنبيّه: «قل» لهم «رَبِّى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ».
ثمّ انقطع خبرهم بما قالوا، فقال: «فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلا مِراءً ظاهِراً» أي: لا تخاصم، «ولا تَستفت فيهم منهم أحداً» أي: لا تسأل، «ولا تَقُولَنَّ لِشَىْءٍ إِنِّى فاعِلٌ ذلِك غَداً إِلا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ» فأخبره أنّه إنّما احتبس الوحي عنه أربعين صباحاً؛ لأنّه قال لقريش: غدا أخبركم بجواب مسائلكم ولم يستثن .
ثمّ عطف على الخبر الأوّل الذي حكى عنهم أنّهم «سَيَقُولُونَ ثَلَثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ»، فقال: «ولَبِثُوا فِى كَهْفِهِمْ» وهو حكاية عنهم، وتقديره: يقولون: لبثوا في كهفهم «ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وازْدَادُوا تِسْعاً» والدليل على أنّه حكاية عنهم ولفظه لفظ الخبر، قوله: «قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا» . ۳