[ ۵۰ - ۵۱ ] قوله: «وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً»، قال: «إنّ عاداً كانت بلادهم في البادية، من المشرق ۱ إلى الأجفر ۲ ، أربعة منازل، وكان لهم زرع ونخيل كثير، ولهم أعمار طويلة وأجسام طويلة.
وروي: أنّ رسول اللَّه سأل ربّه أن يحيي له رجلاً من عاد الاُولى، فأحياه، فكان رأسه من المدينة إلى ذي الحليفة، وهو ستّة أميال، ويديه مسيرة ثلاثة أميال. فقال رسول اللَّه: «في كم كان يحتلم المحتلم منكم؟».
قال: في ثمانين سنة. وإنّما الرجل منّا يعيش سبعمائة سنة، فيقال له: ألا تبني داراً، ألا تحفر نهراً، ألا تغرس شجراً؟ فيقول: وما أصنع بالدار والزرع وأنا أموت؟ وكان الرجل منا يخوض في البحر إلى ركبتيه.
أقول: فيه نظر؛ فليتأمّل.
فكانت بلاد عاد كثيرة الشجر والزرع، وهم كانوا يعبدون الأصنام، فبعث اللَّه إليهم هوداً يدعوهم إلى الإسلام، فأبوا، فكفّت عنهم السماء سبع سنين حتّى قحطوا، وكان هود زرّاعاً ۳ . ۴
1.كذا في «ق». وفي «ط»: «الشقيق». وفي «ص»: «الشقق». وقد ورد في تفسير القمّي في تفسير الآية (۲۱) من سورة الأحقاف أنّه قال: «والأحقاف: بلاد عاد من الشقوق إلى الأجفر»، وتطلق على عدّة مواضع في البادية. اُنظر: معجم البلدان، ج ۳، ص ۳۵۶؛ و ج ۵، ص ۱۳۳.
2.الأجفر: موضع بين فيد والخزيميّة. (معجم البلدان، ج ۱، ص ۱۰۲)، وفيه: قلعة في طريق مكّة.
3.في الأصل زيادة: وكان يسقي الزرع، فجاء قوم إلى بابه يريدونه، فخرجت عليهم امرأة شمطاء. (الشمط: بياض شعر الرأس يخالطه سواده. الصحاح، ج ۳، ص ۱۱۳۸ (شمط). عوراء، فقالت لهم: من أنتم؟ فقالوا: نحن من بلاد كذا وكذا، أجدبت بلادنا، فجئنا إلى هود نسأله أن يدعو اللَّه لنا حتّى نمطر وتخصب بلادنا. فقالت: لو استجيب لهود لدعا لنفسه، فقد احترق زرعه لقلّة الماء. فقالوا: وأين هو؟ قالت: هو في موضع كذا وكذا. فجاءوا إليه، فقالوا: يا نبيّ اللَّه، قد أجدبت بلادنا ولم نمطر، فاسأل اللَّه أن تخصب بلادنا وتمطر. فتهيّأ للصلاة وصلّى ودعا لهم، فقال لهم: «ارجعوا فقد أمطرتم وأخصبت بلادكم». فقالوا: يا نبيّ اللَّه، إنّا رأينا عجبا. قال: «و ما رأيتم؟». قالوا: رأينا في منزلك امرأة شمطاء عوراء، قالت لنا: من أنتم، وما تريدون؟ قلنا: جئنا إلى نبيّ اللَّه هود ليدعو اللَّه لنا فنمطر. فقالت: لو كان هود داعياً لدعا لنفسه؛ فإنّ زرعه قد احترق. فقال هود: «تلك أهلي، وأنا أدعو اللَّه لها بطول العمر والبقاء». قالوا: وكيف ذاك! قال: «لأنّه ما خلق اللَّه مؤمناً إلّا وله عدوّ يؤذيه، وهي عدوّي، فلئن يكون عدوّي ممن أملكه خير من أن يكون عدوّي ممّن يملكني ».
4.رواه البحراني في البرهان، ج ۳، ص ۱۱۴، عن تفسير القمّي.