239
مختصر تفسير القمّي

[ ۵۰ - ۵۱ ] قوله: «وَإِلَى‏ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً»، قال: «إنّ عاداً كانت بلادهم في البادية، من المشرق ۱ إلى الأجفر ۲ ، أربعة منازل، وكان لهم زرع ونخيل كثير، ولهم أعمار طويلة وأجسام طويلة.
وروي: أنّ رسول اللَّه سأل ربّه أن يحيي له رجلاً من عاد الاُولى، فأحياه، فكان رأسه من المدينة إلى ذي الحليفة، وهو ستّة أميال، ويديه مسيرة ثلاثة أميال. فقال رسول اللَّه: «في كم كان يحتلم المحتلم منكم؟».
قال: في ثمانين سنة. وإنّما الرجل منّا يعيش سبعمائة سنة، فيقال له: ألا تبني داراً، ألا تحفر نهراً، ألا تغرس شجراً؟ فيقول: وما أصنع بالدار والزرع وأنا أموت؟ وكان الرجل منا يخوض في البحر إلى ركبتيه.
أقول: فيه نظر؛ فليتأمّل.
فكانت بلاد عاد كثيرة الشجر والزرع، وهم كانوا يعبدون الأصنام، فبعث اللَّه إليهم هوداً يدعوهم إلى الإسلام، فأبوا، فكفّت عنهم السماء سبع سنين حتّى قحطوا، وكان هود زرّاعاً ۳ . ۴

1.كذا في «ق». وفي «ط»: «الشقيق». وفي «ص»: «الشقق». وقد ورد في تفسير القمّي في تفسير الآية (۲۱) من سورة الأحقاف أنّه قال: «والأحقاف: بلاد عاد من الشقوق إلى الأجفر»، وتطلق على عدّة مواضع في البادية. اُنظر: معجم البلدان، ج ۳، ص ۳۵۶؛ و ج ۵، ص ۱۳۳.

2.الأجفر: موضع بين فيد والخزيميّة. (معجم البلدان، ج ۱، ص ۱۰۲)، وفيه: قلعة في طريق مكّة.

3.في الأصل زيادة: وكان يسقي الزرع، فجاء قوم إلى بابه يريدونه، فخرجت عليهم امرأة شمطاء. (الشمط: بياض شعر الرأس يخالطه سواده. الصحاح، ج ۳، ص ۱۱۳۸ (شمط). عوراء، فقالت لهم: من أنتم؟ فقالوا: نحن من بلاد كذا وكذا، أجدبت بلادنا، فجئنا إلى هود نسأله أن يدعو اللَّه لنا حتّى نمطر وتخصب بلادنا. فقالت: لو استجيب لهود لدعا لنفسه، فقد احترق زرعه لقلّة الماء. فقالوا: وأين هو؟ قالت: هو في موضع كذا وكذا. فجاءوا إليه، فقالوا: يا نبيّ اللَّه، قد أجدبت بلادنا ولم نمطر، فاسأل اللَّه أن تخصب بلادنا وتمطر. فتهيّأ للصلاة وصلّى ودعا لهم، فقال لهم: «ارجعوا فقد أمطرتم وأخصبت بلادكم». فقالوا: يا نبيّ اللَّه، إنّا رأينا عجبا. قال: «و ما رأيتم؟». قالوا: رأينا في منزلك امرأة شمطاء عوراء، قالت لنا: من أنتم، وما تريدون؟ قلنا: جئنا إلى نبيّ اللَّه هود ليدعو اللَّه لنا فنمطر. فقالت: لو كان هود داعياً لدعا لنفسه؛ فإنّ زرعه قد احترق. فقال هود: «تلك أهلي، وأنا أدعو اللَّه لها بطول العمر والبقاء». قالوا: وكيف ذاك! قال: «لأنّه ما خلق اللَّه مؤمناً إلّا وله عدوّ يؤذيه، وهي عدوّي، فلئن يكون عدوّي ممن أملكه خير من أن يكون عدوّي ممّن يملكني ».

4.رواه البحراني في البرهان، ج ۳، ص ۱۱۴، عن تفسير القمّي.


مختصر تفسير القمّي
238

خرج زيد بن موسى - أخو الرضا عليه السلام، وكان يسمّى: زيد النار؛ لأنّه أحرق دور بني العبّاس بالبصرة - فبعث إليه المأمون بخيل، فاُسر وحُمل إليه إلى خراسان، فقال المأمون: اذهبوا به إلى أبي الحسن، فلمّا اُدخل على الرضا عليه السلام قال له: «يا زيد، أغرّك قول سفلة أهل الكوفة: إنّ فاطمة عليها السلام أحصنت فرجها، فحرّم اللَّه ذرّيّتها على النار؟ ذلك للحسن والحسين خاصّة، فإن كنت ترى أنّك تعصي اللَّه - عزّ وجلّ - وتدخل الجنّة، فأنت أكرم على اللَّه من رسوله، إنّه لا ينال ما عند اللَّه إلّا بطاعته، وأنت زعمت أنّك تناله بمعصيته، فبئس ما ترى!».
فقال له زيد: أنا أخوك وابن أبيك.
فقال له أبو الحسن عليه السلام: «أنت أخي ما أطعت اللَّه عزّ وجلّ، إنّ نوحاً عليه السلام قال: «رَبِ‏ّ إِنَّ ابْنِى مِنْ أَهْلِى وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَ أَنتَ أَحْكَمُ الْحَكِمِينَ»، فقال اللَّه عزّ وجلّ: «يَنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَلِحٍ» فأخرجه اللَّه - عزّ وجلّ - من أن يكون من نسبه بمعصيته». ۱
ثمّ أمر اللَّه الأرض أن تبلع ماءها، فبلعته، واستوت السفينة على جبل الجودي، وهو جبل بالموصل ۲ ، فنزل نوح - بالموصل - من السفينة مع الثمانين الذين ركبوا معه، وهي تسمّى: «مدينة الثمانين»، وبنوا مدينة الثمانين.
أقول: إنّ الموصل وسط الإقليم الرابع، وهو أعدل الأقاليم؛ فلذلك أنزله اللَّه هناك.
وكان لنوح بنت له، ركبت معه في السفينة، فتناسل الناس منها، وذلك قول النبي صلى اللَّه عليه وآله: «نوحٌ أحد الأبوين». ۳
أقول: المشهور أنّ الناس من أولاد نوح الثلاثة: حام وسام ويافث، وإلّا كيف يكون الناس كُلّهم من امرأة واحدة، وكلّ الثمانين تزوّج بها، والناس ليسوا ينتسبون إلى الثمانين، وهم ليسوا أولاد نوح، بل أولاد الثمانين، وهذا شي‏ءٌ لم يقل به أحد، والحقّ أنّ الناس من أولاد نوح الثلاثة الذين كانوا معه. ۴

1.روي نحوه في عيون أخبار الرضا عليه السلام للشيخ الصدوق، ج ۱، ص ۲۵۹، ح ۴.

2.في هامش «ص»: «قيل: الجودي بآمد. وقيل: بالقرب من الموصل. وقيل: بالشام».

3.للمزيد عن قصّة نوح راجع تفسير العيّاشي، ج ۲، ص ۱۴۷، ح ۲۱.

4.لم يذكر المؤلّف تفسير الآية ۴۹، فراجع الأصل.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 85513
صفحه از 611
پرینت  ارسال به