237
مختصر تفسير القمّي

وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ » وكان نجر السفينة في مسجد الكوفة ۱ ، فلمّا كان في اليوم الذي أراد اللَّه هلاكهم، كانت امرأة نوح تخبز في الموضع الذي يعرف ب «فار التنّور» في مسجد الكوفة . ۲
وقد كان نوح اتّخذ لكلّ ضرب من أجناس الحيوان موضعاً في السفينة، وجمع لهم فيها ما يحتاجون من الغذاء، فصاحت امرأته لمّا فار التنّور. فجاء نوح إلى التنّور فوضع عليها طيناً ۳ وختمه ۴ ، حتّى أدخل جميع الحيوان السفينة. ثمّ جاء إلى التنّور، ففضّ الخاتم ورفع الطين ۵ ، وانكسفت الشمس، وجاء من السماء ماء منهمر، صبّبلا قطر، وتفجّرت الأرض عيوناً، وهو قوله عزّ وجلّ: «فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّماءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى‏ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى‏ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ» ۶، فقال اللَّه عزّ وجلّ: «ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْريها وَمُرْسَاهَا» يقول: «مَجْريها» أي: مسيرها «وَمُرْسَاهَا» أي: موقفها.
فدارت السفينة [ونظر نوح إلى ابنه يقع ويقوم، فقال له: «يَا بُنَىَ‏] ۷ ارْكَبْ مَعَنَا وَلاَ تُكُن مَعَ الْكَافِرِينَ» فقال إبنه كما حكى اللَّه عزّ وجلّ: «سَآوِى إِلَى‏ جَبَلٍ يَعْصِمُني مِنَ الْمَاءِ» قال نوح: «لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَحِمَ» اللَّه .
فلمّا رأى أنّ الماء قد غلبه، همّ أن يرجع ويركب السفينة، فحال الموج بينه وبين السفينة وغرق.
فسارت السفينة حتّى وافت مكّة، فطاف نوح بالبيت. وغرق جميع الناس إلّا موضع البيت، ولذا سمّي عتيقاً. فبقي الصبّ من السماء وخروج الماء من الأرض أربعين يوماً.
[ ۴۵ - ۴۶ ] قوله: «رَبِ‏ّ إِنَّ ابْنِى مِنْ أَهْلِى» ... الآية، عن ياسر الخادم عن الرضا عليه السلام قال:

1.في هامش «ط» من نسخة: «المدينة - ك».

2.راجع الكافي، ج ۴، ص ۲۱۲، ح ۲.

3.في «ب» و «ج»: «طبقاً».

4.وروى نحوه في تفسير العيّاشي، ج ۲، ص ۱۴۷، ح ۲۲.

5.في «ب» و «ج»: «الطبق».

6.القمر (۵۴): ۱۱ - ۱۳. وروي معناه في الكافي، ج ۸، ص ۲۸۱، ح ۴۲۲.

7.بدل ما بين المعقوفتين في «ب» و «ج» ما يلي: «وقال نوح لابنه».


مختصر تفسير القمّي
236

عليه: «أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ» فقال نوح: «رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً» ۱... الآيات.
فأمره اللَّه أن يغرس النخل، فأقبل يغرس، فكان قومه يمرّون به فيسخرون منه ويستهزئون به، ويقولون: شيخ قد أتى له تسعمائة سنة يغرس النخل! وكانوا يرمونه بالحجارة، فلمّا أتى لذلك ۲ خمسون سنة وبلغ النخل واستحكم أمر بقطعه، فسخروا منه، وقالوا: بلغ النخل مبلغه، وهو قوله: «وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ» وقال: «إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُم كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ» . ۳
فأمره اللَّه أن ينحت ۴ السفينة، وأمر جبرئيل أن ينزل عليه ويعلّمه كيف يتّخذها ۵ ، فقدر طولها في الأرض ألف ومائتا ذراع، وعرضها ثمانمائة ذراع، وطولها في السماء ثمانون ذراعاً. فقال: يا ربّ من يعينني على اتّخاذها؟
فأوحى اللَّه إليه: ناد في قومك: من أعانني عليها ونجر منها شيئاً صار ما ينجره ذهباً وفضّة، فنادى نوح فيهم بذلك فأعانوه عليها، وكانوا يسخرون منه ويقولون: يتّخذ ۶ سفينة في البرّ! ۷
ولمّا أراد اللَّه عزّ وجلّ هلاك قوم نوح عقّم ۸ أرحام النساء أربعين سنة، فلم يولد فيهم مولود . ۹
فلمّا فرغ نوح من اتّخاذ السفينة أمره اللَّه أن ينادي بالسريانيّة: لا يبقى بهيمة ولا حيوان إلّا حضر. فأدخل من كلّ جنس من أجناس الحيوان زوجين في السفينة، وكان الذين آمنوا به من جميع الدنيا ثمانين رجلاً.
فقال اللَّه عزّ وجلّ: «احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ

1.نوح (۷۱): ۲۶ - ۲۷.

2.في «ب» و «ج»: «للنخل».

3.روى معناه الكليني في الكافي، ج ۸، ص ۲۸۲، ح ۴۲۵.

4.في «ب» و «ج»: «يتّخذ».

5.في «ط»: «ينحتها».

6.في «ط»: «ينحت».

7.رواه البحراني في البرهان، ج ۳، ص ۱۰۶، عن تفسير القمّي.

8.في «ب» و «ج»: «أعقم».

9.راجع الكافي، ج ۸، ص ۲۸۲، ح ۴۲۴.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 85551
صفحه از 611
پرینت  ارسال به