149
مختصر تفسير القمّي

أقول: القول المشهور: إنّ الذي بعث مارية اُم إبراهيم، كان المقوقس ملك الإسكندرية. ۱
[ ۸۷ ] قوله: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ». عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: «نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين عليه السلام، وبلال، وعثمان بن مظعون. أمّا أمير المؤمنين عليه السلام، فحلف أن لا ينام بالليل أبداً، ۲ وأمّا بلال، فإنّه حلف أن لا يفطر بالنهار أبداً، وأمّا عثمان بن مظعون، فإنّه حلف أن لا ينكح أبداً [فدخلت إمرأة عثمان على عائشة - وكانت امرأة جميلة - فقالت عائشة: مالي أراك متعطّلة ۳ ؟ فقالت: ولمن أتزيّن؟ فو اللَّه ما قاربني زوجي منذ كذا وكذا، فإنّه قد ترهّب ولبس المسوح، وزهد في الدنيا.
فلمّا دخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أخبرته عائشة بذلك، فخرج، فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فصعد المنبر، فحمد اللَّه وأثنى عليه‏] ۴ فقال: ما بال أقوام يحرّمون على أنفسهم الطيبات؟ ألا، إنّي أنام بالليل، وأنكح وأفطر بالنهار، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي. [فقام هؤلاء] ۵ فقالوا: يا رسول اللَّه، فقد حلفنا على ذلك، فأنزل اللَّه: «لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِى أَيْمانِكُمْ» ۶... الآية ». ۷
أقول: فيه نظر؛ فإنّ أمير المؤمنين عليه السلام معصوم، لا يصدر عنه ما يخالف الشرع، ولعلّ الحالف غيره. وأيضاً: إذا لم ينم الليل إلّا مغلوباً، فأين حق الزوجة؟ إلّا أن يكون ذلك قبل الزوجيّة. ۸
[ ۹۰ ] قوله: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ»... الآية، قال: «لمّا نزلت هذه الآية، قيل: يا

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.راجع: قرب الإسناد للحميري، ص ۳؛ الهداية الكبرى للخصيبي، ص ۲۹.

3.في مجمع البيان، ج ۴، ص ۳۶۴، روي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، أنه قال: «نزلت في عليّ عليه السلام، وبلال، وعثمان بن مظعون. فأمّا عليّ عليه السلام فإنّه حلف أن لا ينام بالليل أبداً إلّا ما شاء اللَّه...».

4.في «ط»: «معطّلة». وعطلت المرأة وتعطّلت: نزعت حليها.

5.المائدة (۵): ۸۹.

6.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۳۴۶ - ۲۴۷، عن تفسير القمّي .

7.و على‏ فرض صحّة الرواية ، فلابدّ من التوجيه بما ذكره ابن العتائقي. ولا شكّ أنّ ما نقله الطبرسي أنسب بمقام الإمام عليه السلام.


مختصر تفسير القمّي
148

فإنّهم دخلوا بلادي بأماني ۱ ] ۲ .
فدعا النجاشي السحرة، فقال لهم: إعملوا لعمارة شيئاً يكون أشدّ عليه من القتل. فأخذوه ونفخوا في إحليله الزئبق، فصار مع الوحش يغدو ويروح، ولا يأنس بالناس، فبعثت قريش بعد ذلك إليه، فكمنوا له في موضع حتّى ورد الماء مع الوحش، فأخذوه، فما زال يضطرب في أيديهم ويصيح حتّى مات.
ورجع عمرو إلى قريش، وأخبرهم الخبر.
ولم يزل جعفر في أرض الحبشة مكرّماً حتّى بلغه أنّ رسول اللَّه قد هادن قريشاً، وقد وقع بينهم الصلح، فقدم بجميع من معه، فوافى‏ رسول اللَّه وقد فتح خيبر.
أقول: فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: ما أدري بأيّهما أفرح؛ بفتح خيبر أو بقدوم جعفر.
وبعث النجاشي إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بمارية القبطية اُمّ إبراهيم.
أقول: وقيل: الباعث إليه إنّما كان المقوقس، ملك البلاد المصريّة.
وبعث إليه بثياب وطيب وفرس، وبعث ثلاثين رجلاً من القسّيسين، فقال لهم: انظروا إلى كلامه وطعامه، وإلى مقعده ومشربه ومصلّاه. فلمّا وافوا المدينة، دعاهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلى الإسلام، وقرأ عليهم: «إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِى عَلَيْك وعَلى‏ والِدَتِك» إلى قوله: «فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلّا سِحْرٌ مُبِينٌ» ۳وقرأ عليهم: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى‏ آدَمَ» ۴... الآية، فلمّا سمعوا ذلك من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بكوا وآمنوا، ورجعوا إلى النجاشي [فأخبروه خبر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله‏] ۵ وقرءوا عليه ما قرأ عليهم، فبكى النجاشي، وبكى القسّيسون، وأسلم النجاشي، و لم يظهر النجاشي للحبشة إسلامه، وخافهم على نفسه، ثمّ خرج مع القسّيسين من بلاد الحبشة يريد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فلمّا عبر البحر توفّي النجاشي، فنزلت: «لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً»... الآية . ۶

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.في «ط»: «فأمان لهم».

3.المائدة (۵): ۱۱۰.

4.آل عمران (۳): ۳۳.

5.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۳۴۴ - ۲۴۶، عن تفسير القمّي. وراجع أيضاً تفسير العيّاشي، ج ۱، ص ۳۳۵، ح ۱۶۲.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 89859
صفحه از 611
پرینت  ارسال به