فخرج فوقف عليهم، فقام إليه مسعود، فسلّم عليه، فقال اُسيد: ما أقدمكم؟
قالوا: جئنا لنوادع محمّداً، فرجع أسيد إلى النبي صلى اللَّه عليه وآله فأخبره.
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: خاف القوم أن أغزوهم فأرادوا الصلح. ثمّ بعث إليهم بعشرة أحمال تمراً، ثمّ أتاهم، فقال: ما أقدمكم؟
قالوا: قربت دارنا منك وليس في قومنا أقل عدداً منّا، فضقنا بحربك لقرب دارنا منك، وضقنا بحرب قومك لقلّتنا، فجئنا لنوادعك.
فقبل النبي صلى اللَّه عليه وآله ذلك منهم ووادعهم، فأقاموا يومهم ذلك ورجعوا إلى بلادهم، وفيهم نزلت هذه الآية: «إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ»... الآية . ۱
[ ۹۱ ] قوله: «سَتَجِدُونَ آخَرِينَ»... الآية، نزلت فيمن لم يعتزل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وأراد حربه . ۲
[ ۹۲ ] قوله: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً»، فإنّه عنى: لا عمداً ولا خطأً، فقوله: «إِلَّا خَطَأً» في موضع: (ولا خطأً)، وليس هو إستثناء . ۳
قوله: «إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا» يعني: يعفوا.
ثمّ قال: «فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ» وليست له دية، يعني: إن قتل رجل من المؤمنين رجلاً من المؤمنين وهو نازل في دار الحرب، فلا دية للمقتول، وعلى القاتل تحرير رقبة مؤمنة؛ لقوله صلى اللَّه عليه وآله: «من نزل دار الحرب فقد برئت منه الذمّة ۴ .
ثمّ قال: «وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ»
1.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۱۴۵، عن تفسير القمّي.
2.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۱۴۶، عن تفسير القمّي. وروى الطبرسي مثله في مجمع البيان، ج ۳، ص ۱۳۶، وقال: وهو المروي عن الصادق عليه السلام.
3.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۱۴۶، عن تفسير القمّي. وراجع أيضاً تفسير العيّاشي، ج ۱، ص ۲۶۲، ح ۲۱۷.
4.رواه الميرزا النوري في مستدرك الوسائل، ج ۱۸، ص ۳۰۸، ح ۲۲۸۱۲، في باب حكم المسلم إذا قتل في أرض الشرك، عن علي بن إبراهيم في تفسيره.