129
مختصر تفسير القمّي

فخرج فوقف عليهم، فقام إليه مسعود، فسلّم عليه، فقال اُسيد: ما أقدمكم؟
قالوا: جئنا لنوادع محمّداً، فرجع أسيد إلى النبي صلى اللَّه عليه وآله فأخبره.
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: خاف القوم أن أغزوهم فأرادوا الصلح. ثمّ بعث إليهم بعشرة أحمال تمراً، ثمّ أتاهم، فقال: ما أقدمكم؟
قالوا: قربت دارنا منك وليس في قومنا أقل عدداً منّا، فضقنا بحربك لقرب دارنا منك، وضقنا بحرب قومك لقلّتنا، فجئنا لنوادعك.
فقبل النبي صلى اللَّه عليه وآله ذلك منهم ووادعهم، فأقاموا يومهم ذلك ورجعوا إلى بلادهم، وفيهم نزلت هذه الآية: «إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى‏ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ»... الآية . ۱
[ ۹۱ ] قوله: «سَتَجِدُونَ آخَرِينَ»... الآية، نزلت فيمن لم يعتزل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وأراد حربه . ۲
[ ۹۲ ] قوله: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً»، فإنّه عنى: لا عمداً ولا خطأً، فقوله: «إِلَّا خَطَأً» في موضع: (ولا خطأً)، وليس هو إستثناء . ۳
قوله: «إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا» يعني: يعفوا.
ثمّ قال: «فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ» وليست له دية، يعني: إن قتل رجل من المؤمنين رجلاً من المؤمنين وهو نازل في دار الحرب، فلا دية للمقتول، وعلى القاتل تحرير رقبة مؤمنة؛ لقوله صلى اللَّه عليه وآله: «من نزل دار الحرب فقد برئت منه الذمّة ۴ .
ثمّ قال: «وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى‏ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ»

1.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۱۴۵، عن تفسير القمّي.

2.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۱۴۶، عن تفسير القمّي. وروى الطبرسي مثله في مجمع البيان، ج ۳، ص ۱۳۶، وقال: وهو المروي عن الصادق عليه السلام.

3.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۱۴۶، عن تفسير القمّي. وراجع أيضاً تفسير العيّاشي، ج ۱، ص ۲۶۲، ح ۲۱۷.

4.رواه الميرزا النوري في مستدرك الوسائل، ج ۱۸، ص ۳۰۸، ح ۲۲۸۱۲، في باب حكم المسلم إذا قتل في أرض الشرك، عن علي بن إبراهيم في تفسيره.


مختصر تفسير القمّي
128

[ ۸۶ ] قوله: «وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا» قال: «هو السلام والبرّ وغيره ». ۱
[ ۸۹ ] وقوله: «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا»... الآية، نزلت في بني أشجع وبني ضمرة، وكان من خبرهم، أنّه لمّا خرج النبي صلى اللَّه عليه وآله إلى غزاة الحديبية مرّ قريباً منها، وكان [رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله‏] ۲ قد هادن بني ضمرة ووادعهم، فقال الصحابة: هذه بنو ضمرة قريباً منّا، ونخاف أن يخالفونا إلى المدينة و يعينوا علينا قريشاً، فلو بدأنا بهم؟ فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «كلّا، إنّهم أبرّ العرب بالوالدين، وأوصلهم للرحم، وأوفاهم بالعهد».
وكانت بنو أشجع بالدهم قريبة من بلاد بني ضمرة، وهي بطن من كنانة، وكانت أشجع بينهم وبين بني ضمرة حلف في المراعاة والأمان، فأجدبت بلاد أشجع وأخصبت بلاد بني ضمرة، فصارت أشجع إلى بلاد بني ضمرة، فلمّا بلغ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله مسيرهم [إلى بني ضمرة] ۳ تهيّأ للمسير إلى أشجع؛ ليغزوهم، للموادعة التي كانت بينه وبين بني ضمرة، فأنزل اللَّه: «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا»... الآية. ۴
[ ۹۰ ] ثمّ استثنى أشجع، بقوله: «إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ»... الآية، وكانت أشجع محالّها: البيضاء [والجبل والمستباح‏] ۵ ، وقد قربوا من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فهابوه - لقربهم من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أن يبعث إليهم من يغزوهم، وكان [رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ] ۶ قد خافهم أن يصيبوا من أطرافه شيئاً، فهمّ بالمسير إليهم، فبينما هو على ذلك إذ جاءته أشجع ورئيسها مسعود بن رجيلة، فنزلوا شعب سلع ۷ ، وذلك [في شهر ربيع الأوّل‏] ۸ سنة ستّ، وكانوا سبعمائة، فدعا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أسيد بن حصين، فقال: إذهب فانظر ما أقدم أشجع؟

1.ما بين المعقوفتين من الأصل.

2.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۱۴۰، عن تفسير القمّي. وكذا الطبرسي في مجمع البيان، ج ۳، ص ۱۳۱، وروى الصدوق في الخصال، ص ۶۳۳ وهذه الرواية تدلّ على تعميم التحيّة وعدم تخصيصها بالسلام، كما هو معروف. هذا، ولم يذكر المؤلّف تفسير الآية ۷۸، فراجع الأصل.

3.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۱۴۴ - ۱۴۵، عن تفسير القمّي.

4.سلع: جبل بشرق المدينة. معجم البلدان، ج ۳، ص ۲۳۶.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 85296
صفحه از 611
پرینت  ارسال به