الفصل الرابع : مَقتَلُ أولادِهِ
۴ / ۱
عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام
كان عليّ بن الحسين أكبر الأولاد الذكور للإمام الحسين عليه السلام ، ۱ ، وكان يشبه رسول اللّه صلى الله عليه و آله خلقاً وخلُقاً ومنطقاً ، بحيث إنّ كلّ من كان يشتاق لرؤية رسول اللّه ينظر إليه ؛ كما قال أبوه عليه السلام حين ذهابه لسوح القتال طبق النقل الوارد:
اللّهُمَّ اشهَد عَلى هؤُلاءِ القَومِ، فَقَد بَرَزَ إلَيهِم غُلامٌ أشبَهُ النّاسِ خَلقاً وخُلُقاً ومَنطِقاً بِرَسولِكَ مُحَمّدٍ صلى الله عليه و آله ، كُنّا إذَا اشتَقنا إلى وَجهِ رَسولِكَ نَظَرنا إلى وَجهِهِ . ۲
كان علي الأكبر من أركان الجيش في وقعة عاشوراء ۳ ومن خصائصه تأكيده على محوريّة الحقّ والدفاع عنه ، بل الإيثار بنفسه حين سماعه نبأ الشهادة من أبيه أثناء مسيرهم إلى كربلاء . ۴ وممّا تميّز به أيضا رفعُه الأذان لإقامة صلاة الجماعة بإمامة الحسين عليه السلام في قضيّة مواجهة جيش الحرّ مع قافلة الإمام ، ۵ وقيادته عمليّات إيصال الماء إلى الخيام ليلة عاشوراء ، ۶ وكذلك تطوّعه للشهادة قبل سائر بني هاشم بناءً على النقل المشهور ۷ . وقد خوطب في زيارة الناحية المقدّسة :
السَّلامُ عَلَيكَ يا أوَّلَ قَتيلٍ مِن نَسلِ خَيرِ سَليلٍ مِن سُلالَةِ إبراهيمَ الخَليلِ ، ۸ صَلَّى اللّهُ عَلَيكَ وعَلى أبيكَ ، إذ قالَ فيكَ : قَتَلَ اللّهُ قَوما قَتَلوكَ ، يا بُنَيَّ ما أجرَأَهُم عَلَى الرَّحمنِ وعَلَى انتِهاكِ حُرمَةِ الرَّسولِ ! عَلَى الدُّنيا بَعدَكَ العَفا ، كَأَنّي بِكَ بَينَ يَدَيهِ ماثِلاً ، ولِلكافِرينَ قائِلاً :
أنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيّنَحنُ وبَيتِ اللّهِ أولى بِالنَّبِيّ
أطعَنُكُم بِالرُّمحِ حَتّى يَنثنَيأضرِبُكُم بِالسَّيفِ أحمي عَن أبي
ضَرَبَ غُلامٍ هاشِمِيٍّ عَرَبِيّوَاللّهِ لا يَحكُمُ فينَا ابنُ الدَّعِيّ ۹
حَتّى قَضَيتَ نَحبَكَ ولَقيتَ رَبَّكَ ، أشهَدُ أنَّكَ أولى بِاللّهِ وبِرَسولِهِ ، وأنَّكَ ابنُ رَسولِهِ ، وحُجَّتُهُ وأمينُهُ ۱۰ ، وَابنُ حُجَّتِهِ وأمينِهِ . حَكَمَ اللّهُ عَلى قاتِلِكَ مُرَّةَ بنِ مُنقِذِ بنِ النُّعمانِ العَبدِيِّ ـ لَعَنَهُ اللّهُ وأخزاهُ ـ ومَن شَرِكَهُ في قَتلِكَ ، وكانوا عَلَيكَ ظَهيرا ، أصلاهُمُ اللّهُ جَهَنَّمَ وساءَت مَصيرا ، وجَعَلَنَا اللّهُ مِن مُلاقيكَ ومُرافِقيكَ ، ومُرافِقي جَدِّك وأبيكَ وعَمِّكَ وأخيكَ واُمِّكَ المَظلومَةِ ۱۱ ، وأبرَأُ إلَى اللّهِ مِن أعدائِكَ اُولِى الجُحودِ ۱۲ ، والسَّلامُ عَلَيكَ ورَحمَةُ اللّهِ وبَرَكاتُهُ . ۱۳
الجدير بالذكر أنّ بعض المصادر المتأخّرة روت مواضيع في ذكر مصائب عليّ الأكبر عليه السلام لا نجدها في المصادر المعتبرة؛ بل إنّ من المؤكّد أنّ الكثير منها خلاف الحقيقة ، مثل ماجاء في معالي السبطين من أنّ الإمام الحسين عليه السلام عندما رأى ابنه الشاب عليّا الأكبر متوجّها إلى ساحة القتال، حلّت به حالة الاحتضار! ۱۴ أو أنّ عمّات عليّ الأكبر وأخواته، مَنَعنَهُ من التوجّه إلى ساحة المعركة! ۱۵ أو أنّ زينب عليهاالسلام ألقَت بنفسها على جسد عليٍّ الأكبر قبل مجيء الإمام؛ لأنّها كانت تعلم أنّ روحه ستفارق جسمه إن رأى ابنه مقتولاً! ۱۶
كما وردت في هذا المجال بعض الروايات في كتب مثل أسرار الشهادات ۱۷ ، عنوان الكلام ۱۸ ، ونور العين ۱۹ ، ولا ضرورة لطرحها هنا . ولكنّ الروايات القابلة للاعتماد هي كالتالي :
1.راجع : ج ۱ ص ۳۰۶ (القسم الأوّل / الفصل السادس : الأولاد) .
2.راجع: ص ۲۶ ح ۱۷۶۹.
3.راجع : ج ۵ ص ۴۰۲ (الفصل الأوّل / لقاء الإمام عليه السلام وابن سعد بين العسكرين) .
4.راجع : ج ۵ ص ۲۸۲ (القسم السابع / الفصل السابع / رؤيا الاستشهاد) .
5.راجع : ج ۵ ص ۲۱۸ (القسم السابع / الفصل السابع / إغلاق الحرّ الطريق على الإمام عليه السلام ) .
6.راجع : ج ۶ ص ۵۸ (الفصل الأوّل / التأهّب للحرب) .
7.استناداً إلى النقل غير المشهور فإن أول شهيد من أهل بيت الإمام عليه السلام كان عبداللّه بن مسلم بن عقيل (راجع : ج ۷ ص ۱۵۸ «الفصل الثامن / عبد اللّه بن مسلم بن عقيل») .
8.وقد ورد في تاريخ الطبرى : «كان أوّل قتيلٍ من بني أبي طالبٍ يومئذٍ عليٌّ الأكبر بن الحسين بن علي عليهماالسلام» راجع: ص ۱۴ ح ۱۷۶۴ .
9.الدَّعِيُّ : المنسوب إلى غير أبيه (لسان العرب : ج ۱۴ ص ۲۶۱ «دعا») .
10.في المصدر : «دينه» بدل «أمينه» ، والصواب ما أثبتناه كما في بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۶۵ نقلاً عن المصدر.
11.زاد في المزار الكبير ومصباح الزائر وبحار الأنوار هنا : «وأبرأ إلى اللّه من قاتليك وأسأل اللّه مرافقتك في دار الخلود».
12.الجُحُودُ : الإنكار مع العلم (الصحاح : ج ۲ ص ۴۵۱ «جحد») .
13.راجع : ج ۱۲ ص ۲۵۰ (القسم الثالث عشر / الفصل الثالث عشر / زيارة الثانية برواية الإقبال) .
14.معالي السبطين : ج ۱ ص ۲۵۴ (نقلا عن الشيخ جعفر التستري رغم أننا لم نجد هذه الرواية في أي من كتب المرحوم التستري).
15.نفس المصدر.
16.معالي السبطين : ج ۱ ص ۲۵۴، جدير ذكره أن أصل مجيء زينب عليهاالسلام قبل الإمام الحسين عليه السلام ورد في المصادر المعتبرة؛ ولكن الإشكال يكمن في بيان سبب غير حقيقي للحادثة . يقول المؤلف : لقد جاءت زينب كي لا تفارق روح الإمام الدنيا!
17.أسرار الشهادات : ج ۲ ص ۵۱۴ .
18.عنوان الكلام : ص ۲۸۲ .
19.نور العين : ص ۴۴ .