الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
صفحه 7
تمهيد
تتميّز الصلاة - باعتبارها أهمّ العبادات - بخصوصيّات لا تمتلكها أيّ عبادة اُخرى، وقد ذُكرت بنحو مفصّل في الآيات القرآنية وأحاديث النبيّ صلى اللّه عليه و آله وأهل البيت عليهم السلام ، وسنشير فيما يلي إلى أهمّها.
خصائص الصلاة
الصلاة أوّل فريضة أوجبها اللَّه سبحانه على الناس، وأوّل ما ينبغي تعلّمه في الإسلام، وأوّل عمل يُسأل الإنسان عنه يوم القيامة، وهي إن قُبِلت قُبل ما سواها، وإن رُدّت رُدّ ما سواها.
والصلاة عمود الدين، من دونه تنهار القيم والمثل الدينية؛ لذلك فلا عمل أفضل وأسمى في الإسلام من الصلاة بعد الإيمان باُصول العقيدة.
ومنزلة الصلاة قياساً بالقيم الدينية الاُخرى كمنزلة الرأس من البدن؛ ولذلك فحياة القيم الدينية ونشاطها في المجتمع المسلم مرتبطان بها.
وهي أفضل برنامج وضعه اللَّه سبحانه لسموّ الإنسان وازدهاره؛ ولذلك فإنّها أفضل الأعمال وأحبّها وأسمى وسيلة للتقرّب إلى خالق العالم، ومعراجُ أهل الإيمان.
والصلاة تُبعد الشيطان عن الإنسان، وتَحول دون غروره وطغيانه، وتمحو العُجب وأنواع الرذائل الخُلُقية والسلوكية، وتغسل الذنوب وتُطهّر الروح.
الصلاة تهب روح الإنسان جمالاً وقلبه نوراً، وتقود إلى راحة الجسم واطمئنان
الصّلاة فی الکتاب والسّنّة (ویراست دوم)
صفحه 8
النفس، ونزول الرحمة الإلهيّة .
الصلاة مصباحٌ لأهل السماء، ورجحانٌ لميزان الأعمال، ووسيلةٌ لنيل رضا الخالق.
الصلاة مفتاح بلوغ كلّ الفضائل، وبالصلاة يتحقّق الجهادان الأصغر والأكبر، ويزول القلق من القلب، وتتحوّل السيّئات إلى حسنات.
الصلاة هي الصراط الواضح الذي دلّ أنبياء اللَّه الإنسان عليه من أجل الوصول إلى جنّة الخلد.
وأخيراً، هي قرّة عين الرسول صلى اللّه عليه و آله ، و خاتمة وصاياه، حيث كان يردّد في لحظاته الأخيرة : «الصَّلاةَ الصَّلاةَ الصَّلاةَ»، إلى أن أسلم روحه الطاهرة .۱
دور الصلاة في تكامل الإنسان
الخصائص السابقة للصلاة تُظهر بوضوح أنّ لهذه العبادة الدور الأكبر في تكامل الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة. ولبيان ذلك نشير بدايةً إلى دور العبادة في تكامل الإنسان، ثمّ نسلّط الضوء على ما امتازت به الصلاة عن غيرها من العبادات في أداء هذا الدور.
العبادة حكمة خلق الإنسان
يرى القرآن الكريم أنّ الهدف من خلق الإنسان هو عبادة اللَّه:
«وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» .۲
ولكن يجب الالتفات إلى أنّ العبادة ليست هي الهدف النهائي من خلق الإنسان بل هي هدف متوسّط ؛ إذ الهدف النهائي سعادته في الدنيا والآخرة، وبلوغه الخلافة الإلهيّة، ولتحقيق هذه الغاية السامية ليس أمامه سوى مسلك العبادة ؛ ولذلك يعتبر
1.راجع : ص ۶۱ (الفصل الثاني : خصائص الصلاة) وص ۸۱ (الفصل الثالث : حكمة الصلاة) .
2.الذاريات: ۵۶.